للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وسيحان، وجيحان، وسبلا طرقا إلى كل البلاد، لعلكم تهتدون لكي تهتدوا إلى مقاصدكم من البلاد، فلا تضلون.

وعلامات يعني الجبال، وهي علامات للطرق بالنهار كالنجوم بالليل، {وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ} [النحل: ١٦] أراد جميع النجوم، لأن بها يهتدون، وإلى الطرق والقبلة والبر والبحر.

ثم دل بهذه الأشياء التي خلقها على نفسه، فقال: {أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ {١٧} وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ {١٨} وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ {١٩} وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ {٢٠} أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ {٢١} } [النحل: ١٧-٢١] أفمن يخلق يعني ما ذكر في هذه ال { [،] كَمَنْ لا يَخْلُقُ} [سورة النحل: ١٧] يعني الأوثان وهي لا تخلق شيئا، {أَفَلا تَذَكَّرُونَ} [النحل: ١٧] يعني المشركين، يقول: أفلا تتعظون كما اتعظ المؤمنون؟ قوله: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا} [النحل: ١٨] تقدم تفسيره، {إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ} [النحل: ١٨] لما كان منكم من تقصير شكر نعمه، رحيم بكم حيث لم يقطعها عنكم بتقصيركم، وما بعد هذا ظاهر التفسير إلى قوله: {أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ} [النحل: ٢١] يعني الأصنام التي كانوا يعبدونها، وهي موات لا روح لها، {وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ} [النحل: ٢١] الأصنام متى تبعث، قال ابن عباس: وذلك أن الله يبعث الأصنام لها أرواح ومعها شياطينها، فيتبرءون من عابديهم، ثم يؤمر بالشياطين والذين كانوا يعبدونها إلى النار.

ثم ذكر وحدانيته فقال: {إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ {٢٢} لا جَرَمَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ {٢٣} } [النحل: ٢٢-٢٣] {إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} [النحل: ٢٢] وقد مضى بيانه في { [البقرة،] فَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ} [سورة النحل: ٢٢] يعني بالبعث والثواب والعقاب، {قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ} [النحل: ٢٢] جاحدة غير عارفة توحيد الله ولا القرآن، {وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ} [النحل: ٢٢] ممتنعون من قبول الحق.

لا جرم حقا، {أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ} [النحل: ٢٣] أي أنه يجازيهم بذلك، لأنه يعلمه، {إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ} [النحل: ٢٣] لا يثيبهم، ولا يرضى عنهم.

{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ {٢٤} لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا سَاءَ مَا يَزِرُونَ {٢٥} قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ {٢٦} ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُخْزِيهِمْ وَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ قَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ عَلَى الْكَافِرِينَ {٢٧} الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ فَأَلْقَوُا السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ بَلَى إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ {٢٨} فَادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ {٢٩} } [النحل: ٢٤-٢٩] {

<<  <  ج: ص:  >  >>