للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: ٤٤] في هذا الكتاب من الحلال والحرام، والوعد والوعيد، لعلهم يتفكرون في ذلك فيعتبرون.

قوله: {أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ {٤٥} أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ {٤٦} أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ {٤٧} أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ {٤٨} وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلائِكَةُ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ {٤٩} يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ {٥٠} } [النحل: ٤٥-٥٠] {أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ} [النحل: ٤٥] قال ابن عباس: يريد المشركين، أهل مكة وما حول المدينة، ومعنى مكروا السيئات قال ابن عباس: عملوا السيئات يعني عبادة غير الله.

وقال قتادة: يعني الشرك.

وسمى عبادتهم غير الله مكرا لأن المكر في اللغة السعي بالفساد، {أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الأَرْضَ} [النحل: ٤٥] كما خسف بقارون، ومعنى الاستفهام ههنا الإنكار، أي: يجب ألا يأمنوا عقوبة تلحقهم كما لحقت المكذبين من قبلهم، {أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ} [النحل: ٤٥] قال ابن عباس: يعني يوم بدر.

يريد أنهم أهلكوا يوم بدر، وما كانوا يقدرون ذلك ولا يشعرونه.

{أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ} [النحل: ٤٦] في أسفارهم وتجارتهم، وقال مقاتل: يريد في تقلبهم في كل حال من الأحوال ليلا ونهارا، فيدخل في هذا تقلبهم على الفرش يمينا وشمالا.

{فَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ} [النحل: ٤٦] بممتنعين ولا فائتين.

{أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ} [النحل: ٤٧] قال عامة المفسرين: على تنقص، إما بقتل أو بموت.

يعني تنقص من أطرافهم ونواحيهم، يأخذ منهم الأول فالأول حتى يأتي الأخذ على جميعهم، والتخوف: التنقص، يقال: هو يتخوف المال، أي: يتنقصه ويأخذ من أطرافه، {فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ} [النحل: ٤٧] إذ لم يعجل عليهم بالعقوبة والإهلاك، قال الزجاج: أي من رأفته أمهل وجعل فسحة للتوبة.

قوله: أولم يروا قراءة العامة بالياء لأن ما قبله غيبة، وهو قوله: {أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ} [النحل: ٤٥] ، {أَوْ يَأْخُذَهُمْ} [النحل: ٤٦] كذلك أولم يروا وقرأ حمزة بالتاء على أن الخطاب لجميع الناس، قوله: {إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ} [النحل: ٤٨] أراد من

<<  <  ج: ص:  >  >>