للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [النحل: ٧٧] .

قوله: {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئًا} [النحل: ٧٨] أي: أخرجكم جاهلين غير عالمين، {وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ} [النحل: ٧٨] خلق لكم الحواس التي بها تعلمون وتقفون على ما تجهلون، لعلكم تشكرون لكي تشكروا خالق هذه الحواس، فتعرفوا نعمته وقدرته.

ثم ذكر الدليل عليها، فقال: {أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ} [النحل: ٧٩] مذللات، {فِي جَوِّ السَّمَاءِ} [النحل: ٧٩] وهو الهواء، ما يمسكهن حتى لا يسقطن على الأرض، إلا الله وهذا كقوله: {أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ} [الملك: ١٩] ، وقوله: {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا} [النحل: ٨٠] موضعا تسكنون فيه، قال ابن عباس، ومجاهد: يعني المساكن من الحجر والمدر.

يستر عوراتكم وحرمكم، وذلك أن الله خلق الخشب والمدر والآلة التي بها يمكن تسقيف البيوت وبناؤها، {وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الأَنْعَامِ} [النحل: ٨٠] يعني الأنطاع والأدم، بيوتا يعني القباب والخيام، {تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ} [النحل: ٨٠] يخف عليكم حملها في أسفاركم، وفيه قراءتان: تسكين العين، وتحريكها، وهما لغتان كالشعر والشعر، والنهر والنهر، ومعنى الظعن سير أهل البوادي لنجعة، أو حضور ماء، أو طلب مرتع، ويوم إقامتكم قال مقاتل: لا تثقل عليكم في الحالتين، ومن أصوافها وهي للضأن، وأوبارها وهي للإبل، وأشعارها وهي للمعز، أثاثا الأثاث أنواع المتاع من متاع البيت من الفرش، والأكسية، قال ابن عباس: يريد طنافس، وبسطا، وثيابا، وكسوة، ومتاعا يتمتعون به، إلى حين البلى.

قوله: {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلالا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ} [النحل: ٨١] {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلالا} [النحل: ٨١] قال ابن عباس: يريد ظلال الغمام.

كما قال: {وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ} [البقرة: ٥٧] وقال الكلبي: يعني ظلال البيوت تقيكم من الشمس.

وقال قتادة: ظلالا هي الشجر.

واختاره الزجاج، فقال: جعل لكم من الشجر ما يستظل به.

{وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا} [النحل: ٨١] يعني الغيران والأسراب، واحدها كن، وهو كل شيء وقى شيئا وستره، {وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ} [النحل: ٨١] وهي القمص، واحدها سربال.

قال ابن عباس، وقتادة: هي القمص من الكتان، والقطن، والصوف.

وقوله: {تَقِيكُمُ الْحَرَّ} [النحل: ٨١] ولم يقل البرد،

<<  <  ج: ص:  >  >>