قوله:{وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئًا}[النحل: ٧٨] أي: أخرجكم جاهلين غير عالمين، {وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ}[النحل: ٧٨] خلق لكم الحواس التي بها تعلمون وتقفون على ما تجهلون، لعلكم تشكرون لكي تشكروا خالق هذه الحواس، فتعرفوا نعمته وقدرته.
ثم ذكر الدليل عليها، فقال:{أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ}[النحل: ٧٩] مذللات، {فِي جَوِّ السَّمَاءِ}[النحل: ٧٩] وهو الهواء، ما يمسكهن حتى لا يسقطن على الأرض، إلا الله وهذا كقوله:{أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ}[الملك: ١٩] ، وقوله:{وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا}[النحل: ٨٠] موضعا تسكنون فيه، قال ابن عباس، ومجاهد: يعني المساكن من الحجر والمدر.
يستر عوراتكم وحرمكم، وذلك أن الله خلق الخشب والمدر والآلة التي بها يمكن تسقيف البيوت وبناؤها، {وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الأَنْعَامِ}[النحل: ٨٠] يعني الأنطاع والأدم، بيوتا يعني القباب والخيام، {تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ}[النحل: ٨٠] يخف عليكم حملها في أسفاركم، وفيه قراءتان: تسكين العين، وتحريكها، وهما لغتان كالشعر والشعر، والنهر والنهر، ومعنى الظعن سير أهل البوادي لنجعة، أو حضور ماء، أو طلب مرتع، ويوم إقامتكم قال مقاتل: لا تثقل عليكم في الحالتين، ومن أصوافها وهي للضأن، وأوبارها وهي للإبل، وأشعارها وهي للمعز، أثاثا الأثاث أنواع المتاع من متاع البيت من الفرش، والأكسية، قال ابن عباس: يريد طنافس، وبسطا، وثيابا، وكسوة، ومتاعا يتمتعون به، إلى حين البلى.
كما قال:{وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ}[البقرة: ٥٧] وقال الكلبي: يعني ظلال البيوت تقيكم من الشمس.
وقال قتادة: ظلالا هي الشجر.
واختاره الزجاج، فقال: جعل لكم من الشجر ما يستظل به.
{وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا}[النحل: ٨١] يعني الغيران والأسراب، واحدها كن، وهو كل شيء وقى شيئا وستره، {وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ}[النحل: ٨١] وهي القمص، واحدها سربال.
قال ابن عباس، وقتادة: هي القمص من الكتان، والقطن، والصوف.
وقوله:{تَقِيكُمُ الْحَرَّ}[النحل: ٨١] ولم يقل البرد،