وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ كَانَ يَئُوسًا {٨٣} قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلا {٨٤} } [الإسراء: ٨٣-٨٤]{وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الإِنْسَانِ}[الإسراء: ٨٣] قال ابن عباس: يريد الوليد بن المغيرة، أعرض عن الدعاء والابتهال الذي كان يفعله فِي حال البلوى والمحنة.
ونأى بجانبه، وتعظم، وتكبر، وبعد نفسه عن القائم بحقوق النعم، ونأى معناه بعد، ونأى بالشيء معناه أبعده، وقرأ ابن عامر وناء مثل ناع، وهذا على القلب مثل رأى وراء، وقرأ حمزة نأى بإمالة الفتحتين، أمال فتحة الهمزة لأن الألف منقلبة عن الياء التي فِي النأي، أراد أن ينحو نحوها، وأمال فتحة النون لإمالة فتحة الهمزة، وقوله:{وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ كَانَ يَئُوسًا}[الإسراء: ٨٣] قال ابن عباس: إذا أصابه مرض أو فقر يئس من رحمة الله.
وهذا من صفة الجاهل بالله، وذم له بأنه لا يثق بتفضل الله على عباده.
قوله:{قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ}[الإسراء: ٨٤] قال الليث: الشاكلة من الأمور ما يوافق فاعله.
والمعنى أن كل أحد يعمل على طريقته التي تشاكل أخلاقه، فالكافر يعمل ما يشبه طريقته من الإعراض عند الإنعام واليأس عند الشدة، والمؤمن يفعل ما يشبه طريقته من الشكر عند الرخاء والصبر عند البلاء، يدل على هذا قوله:{فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلا}[الإسراء: ٨٤] أي: بالمؤمن الذي لا يعرض عند النعمة، ولا ييئس عند المحنة.