قال عبد الله بن بريدة: ما يبلغ الجن والإنس والملائكة والشياطين علم الروح، ولقد مات رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وما يدري الروح.
وقال الفراء: الروح الذي يعيش به الإنسان لم يخبر الله به أحدا من خلقه، ولم يعط علمه أحدا من عباده.
فقال:{قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي}[الإسراء: ٨٥] أي: من علم ربي، أي أنكم لا تعلمونه، وقوله:{وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلا قَلِيلا}[الإسراء: ٨٥] أي: بالأضافة إلى علم الله تعالى، وذلك أن اليهود تذكر كل شيء بما فِي كتبهم، فقال الله:{وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلا قَلِيلا}[الإسراء: ٨٥] وقال الزجاج: ويجوز أن يكون الخطاب للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والمؤمنين، وذلك حين لم يعرف رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولم يبين الله له ذلك، قال له:{وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلا قَلِيلا}[الإسراء: ٨٥] يدل على هذا قوله: {وَلَئِنْ شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ}[الإسراء: ٨٦] أي: إني أقدر أن آخذ ما أعطيتك، كأنه يقول: لم تؤت إلا قليلا من العلم، ولو شئت أن آخذ ذلك قدرت، قال الزجاج: لو شئنا لمحوناه من القلوب ومن الكتب حتى لا يوجد له أثر.
وقوله:{ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنَا وَكِيلا}[الإسراء: ٨٦] أي: لا تجد من تتكل عليه فِي رد شيء منه.
{إِلا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ}[الإسراء: ٨٧] لكن الله رحمك، فأثبت ذلك فِي قلبك وقلوب المؤمنين، {إِنَّ فَضْلَهُ كَانَ عَلَيْكَ كَبِيرًا}[الإسراء: ٨٧] قال ابن عباس: يريد حيث جعلتك سيد ولد آدم، وختمت بك النبيين، وأعطيتك المقام المحمود.