أجابهم على إنكارهم البعث بقوله:] أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ} [سورة الإسراء: ٩٩] الآية، المعنى: ألم يعلموا أن من قدر على خلق السموات والأرض فِي عظمها، قادر على أن يخلق مثلهم، أي: على أن يخلقهم ثانيا، وأراد بمثلهم إياهم، وذلك أن مثل الشيء مساو له فِي حالته، فجاز أن يعبر به عن الشيء نفسه، يقال: مثلك لا يفعل هذا، أي: أنت لا تفعله، ذكرنا هذا عند قوله:{فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ}[البقرة: ١٣٧] ونحو هذا قوله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}[الشورى: ١١] تم الكلام، ثم قال:{وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلا لا رَيْبَ فِيهِ}[الإسراء: ٩٩] قال ابن عباس: يريد أجل الموت وأجل القيامة.
فأبى الظالمون المشركون، إلا كفورا جحودا بذلك الأجل، وهو البعث والقيامة.
قوله:{قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذًا لأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الإِنْفَاقِ وَكَانَ الإِنْسَانُ قَتُورًا}[الإسراء: ١٠٠]{قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي}[الإسراء: ١٠٠] قال ابن عباس: لو أنتم، يا معشر المشركين، تملكون خزائن الرزق.
{إِذًا لأَمْسَكْتُمْ}[الإسراء: ١٠٠] لبخلتم، قال الزجاج: أعلمهم الله أنهم لو ملكوا خزائن الأرزاق لأمسكوا شحا وبخلا، وهو خشية الإنفاق.
وقال ابن عباس، وقتادة: خشية الفقر والفاقة.
وقال السدي: خشية أن تنفقوا فتفتقروا.
{وَكَانَ الإِنْسَانُ قَتُورًا}[الإسراء: ١٠٠] بخيلا مسيكا، يقال: قتر يقتر، ويقتر قترا، وأقتر إقتارا، وقتر تقتيرا، إذا قصر فِي الإنفاق.