للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله: {لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ} [الكهف: ٢] قال ابن عباس: لينذر عذابا شديدا.

والمعنى: لينذر الكافرين بعذاب شديد، من لدنه من عنده، ومن قبله، وروى أبو بكر، عن عاصم من لدنه بشد الدال إلى الضمة، وبكسر النون والهاء، وهو لغة الكلابيين، وروى أبو زيد، عنهم أجمعين هذا من لدنه فتحوا اللام، وضموا الدال، وكسروا النون، {وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا} [الكهف: ٢] ثوابا عظيما، وهو الجنة.

{مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا} [الكهف: ٣] مقيمين فِي ذلك الأجر، خالدين فِيهِ.

{وَيُنْذِرَ} [الكهف: ٤] بعذاب الله، {الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا} [الكهف: ٤] قال الكلبي، والسدي: يعني اليهود والنصارى.

وقال محمد بن إسحاق: يعني قريشا فِي قولهم الملائكة بنات الله.

{مَا لَهُمْ بِهِ} [الكهف: ٥] بذلك القول، من علم لأنهم قالوا جهلا وافتراء على الله، {وَلا لآبَائِهِمْ} [الكهف: ٥] الذين قالوا ذلك، {كَبُرَتْ كَلِمَةً} [الكهف: ٥] قال الفراء: كبرت تلك الكلمة كلمة.

وقال الزجاج: كبرت مقالتهم كلمة.

وكلمة منصوب على التمييز.

وقوله: {تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ} [الكهف: ٥] أي أنها قول بالفم، لا صحة له، ولا دليل عليه، {إِنْ يَقُولُونَ إِلا كَذِبًا} [الكهف: ٥] ما يقولون بذلك القول إلا كذبا.

ثم عاتبه على حزنه بفوت ما كان يرجو من إسلامهم بقوله: {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ} [الكهف: ٦] قال جماعة المفسرين: قاتل نفسك.

يقال: بخع الرجل نفسه إذا قتلها غيظا من شدة وجده بالشيء.

وقوله: {عَلَى آثَارِهِمْ} [الكهف: ٦] أي: من بعدهم، أي: من بعد توليهم وإعراضهم عنك، {إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ} [الكهف: ٦] يعني القرآن، {أَسَفًا} [الكهف: ٦] قال ابن عباس: غيظا وحزنا.

وفي هذا إشارة إلى نهي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن كثرة الحرص على إيمان قومه حتى يؤدي ذلك إلى هلاك نفسه بالأسف.

قوله: {إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأَرْضِ زِينَةً لَهَا} [الكهف: ٧] بما عليها من الماء والنبات والأشجار، والمعادن من الذهب والفضة وأنواع الجواهر، ويدخل فِي هذا كله ما على الأرض من ذي الروح والجماد، وقوله: لنبلوهم لنختبر الخلق، والمعنى: لنعاملهم معاملة المبتلى، {أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلا} [الكهف: ٧] هذا أم هذا؟ قال الحسن: أيهم أزهد فِي الدنيا، وأترك لها.

وقال مقاتل: أيهم أصلح فِيها: من أوتي من المال فأحسن العمل، أمَّن زهد فيما زين له من الدنيا.

ثم أعلم الله عز وجل أنه مبيد ومفن

<<  <  ج: ص:  >  >>