للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الصبيان، فقال به هكذا، كأنه اجتذب رأسه، فقلعه، وأشار عبد الرزاق حين روى هذا الحديث بأصابعه الثلاثة: السبابة، والوسطى، والإبهام وفتحها.

وروى سعيد بن جبير، عن ابن عباس، أن ذلك الغلام كان من أحسن أولئك الغلمان وأصحهم.

قال موسى حين رأى ذلك: {أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً} [الكهف: ٧٤] قال ابن عباس، ومجاهد: لم يبلغ الحلم.

ومعنى الزكية الطاهرة من الذنوب، وذلك لأنه كان صغيرا لم يبلغ حد التكليف، وقرئ زاكية وهي البريئة من الذنوب، قال الفراء: الزاكية والزكية مثل القاسية والقسية.

وقوله: {بِغَيْرِ نَفْسٍ} [الكهف: ٧٤] يعني: بغير قتل نفس، يعني القود، {لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا} [الكهف: ٧٤] فظيعا منكرا، لا يعرف فِي شرع.

فقال الخضر: {أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا} [الكهف: ٧٥] .

قال موسى: {إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ} [الكهف: ٧٦] يعني: سؤال توبيخ وإنكار، بعدها بعد النفس المقتولة، {فَلا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا} [الكهف: ٧٦] قال ابن عباس: يريد أنك قد أعذرت فيما بيني وبينك، وقد أخبرتني أني لا أستطيع معك صبرا، وهذا إقرار من موسى بأن الخضر قد قدم إليه ما يوجب العذر عنده فلا يلزمه ما انكره.

وروي أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تلا هذه الآية، فقال: «لقد استحى نبي الله موسى عندها، ولو صبر، لرأى ألفا من العجائب» .

وقراءة العامة بتشديد النون من لدن والأصل لدن، ثم يزاد مع الياء، نحو مني، وعني، ثم يدغم النون الساكنة فِي التي تزاد مع الضمير فيصير لدني مشددا، ومن خفف فإنه لم يلحق النون التي تلحق علامة الضمير فِي نحو ضربني، وقد جمع الشاعر بين اللغتين فِي قوله:

قدني من نثر الخبيبين قدني

{فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا {٧٧} قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا {٧٨} أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا {٧٩} وَأَمَّا الْغُلامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا {٨٠} فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>