وكلام القديم سبحانه وتعالى صفة من صفات ذاته، فلا يجوز أن يكون لكلامه غاية ومنتهى، كما ليس له غياية وحد، وأوصاف ذاته غير محدودة أيضا، وهذا رد على اليهود حين ادعوا أنهم أوتوا العلم الكثير، وكأنه قيل لهم: أي شيء الذي أوتيتم فِي علم الله تعالى، وكلماته التي لا تنفذ لو كتبت بماء البحر.
{وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ}[الكهف: ١٠٩] بمثل البحر فِي كثرة مائه، مددا زيادة له، والمدد كل شيء زاد فِي شيء.
قوله:{قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا}[الكهف: ١١٠]{قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ}[الكهف: ١١٠] قال ابن عباس: عَلَّمَ اللهُ تعالى رسولَه التواضع لئلا يزهى على خلقه، فأمره بأن يقر على نفسه بأنه آدمي كغيره إلا أنه أكرم بالوحي، وهو قوله:{يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ}[الكهف: ١١٠] لا شريك له، وقوله:{فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ}[الكهف: ١١٠] قال مجاهد: جاء رجل إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: إني أتصدق وأصل الرحم، ولا أصنع ذلك إلا لله، فيذكر ذلك مني، وأحمد عليه، فيسرني ذلك، وأعجب به.
فسكت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولم يقل شيئا، فأنزل الله تعالى فيه {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ}[الكهف: ١١٠] يخاف البعث والمصير إلى الله تعالى، {فَلْيَعْمَلْ عَمَلا صَالِحًا}[الكهف: ١١٠] خالصا لا يرائي به، {وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا}[الكهف: ١١٠] قال سعيد بن جبير: لا يرائي.
قال عطاء، عن ابن عباس: قال الله تعالى: {وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ}[الكهف: ١١٠] ولم يقل: ولا يشرك به، لأنه أراد العمل الذي يعمل لله ويحب أن يحمد عليه.
قال: ولذلك يستحب للرجل أن يدفع صدقته إلى غيره ليقسمها كي لا يعظمه من يصله بها.
وقال الحسن: هذا فيمن أشرك بعمله يريد الله به والناس.