للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وبان الله ربي وربكم، ومن كسر جعله معطوفا على قوله: {إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ} [مريم: ٣٠] ، ويجوز أن يكون استنئافا من غير عطف، وقوله: {هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ} [مريم: ٣٦] أي: الذي أخبرتكم أن الله أمرني به هو الطريق المستقيم الذي يؤدي إلى الجنة.

قوله: {فَاخْتَلَفَ الأَحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ} [مريم: ٣٧] يعني بينهم، ومن زائد.

قال المفسرون: كانوا أحزابا متفرقين بينهم فِي أمر عيسى، فقال بعضهم: هو الله.

وقال بعضهم: ابن الله.

وقال بعضهم: بالثلاثة.

فويل فشدة عذاب، {لِلَّذِينَ كَفَرُوا} [مريم: ٣٧] بالله، بقولهم فِي المسيح {مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ} [مريم: ٣٧] من حضورهم ذلك اليوم للجزاء والحساب.

{أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا لَكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ {٣٨} وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ {٣٩} إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ {٤٠} } [مريم: ٣٨-٤٠] {أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا} [مريم: ٣٨] قال قتادة: ذلك والله يوم القيامة، سمعوا حين لم ينفعهم السمع، وأبصروا حين لم ينفعهم البصر.

وقال الحسن: لئن كانوا فِي الدنيا صما عميا عن الحق، فما أبصرهم وأسمعهم يوم القيامة.

{لَكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} [مريم: ٣٨] يعني: الكافرين والمشركين، ضلوا فِي الدنيا وعموا عن الحق، وآثروا الهوى على الهدى.

قوله: {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ} [مريم: ٣٩] خوف يا محمد كفار مكة يوم يتحسر المسيء، فلا أحسن العمل، والمحسن هلا ازداد من الإحسان، وقال أكثر المفسرين: يعني الحسرة حين يذبح الموت بين الفريقين.

فلو مات أحد فرحا لمات أهل الجنة، ولو مات أحد حزنا لمات أهل النار.

٥٩١ - أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ أَبُو سَهْلٍ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْخَشَّابُ شَيْخُ الصُّوفِيَّةِ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ فِي شَهْرِ شَعْبَانَ سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ وَأَرْبَعِ مِائَةٍ، أنا أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْحِبرِيُّ، أنا حَامِدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شُعَيْبٍ الْبَلْخِيُّ، نا عُثْمَانُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، نا جَرِيرٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ، وَأَهْلُ النَّارِ النَّارَ؛ قِيلَ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ، فَيَشْرَئِبُّونَ وَيَنْظُرُونَ، وَقِيلَ: يَا أَهْلَ النَّارِ، فَيَشْرَئِبُّونَ وَيَنْظُرُونَ، فَيُجَاءُ بِالْمَوْتِ كَأَنَّهُ كَبْشٌ أَمْلَحُ، فَيُقَالُ لَهُمْ: تَعْرِفُونَ الْمَوْتَ، فَيَقُولُونَ: هَذَا هَذَا، وَكُلُّهُمْ قَدْ عَرَفَهُ، قَالَ: فَيَقْدَمُ فَيُذْبَحُ، ثُمَّ يُقَالُ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ، خُلُودٌ فَلا مَوْتَ، يَا أَهْلَ النَّارِ، خُلُودٌ فَلا مَوْتَ، قَالَ: وَذَلِكَ قَوْلُهُ، عَزَّ وَجَلَّ: {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ} ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ، عَنْ عُثْمَانَ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ

وقوله: {إِذْ قُضِيَ الأَمْرُ} [مريم: ٣٩] قال مقاتل بن سليمان: قضي لهم العذاب فِي الآخرة.

وهم فِي الدنيا، {فِي غَفْلَةٍ} [مريم: ٣٩] وقال ابن جريج، والسدي: إذ قضي الأمر إذ ذبح الموت، وهو

<<  <  ج: ص:  >  >>