أَنْ يُخْرِجَاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى {٦٣} فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَى {٦٤} } [طه: ٦٠-٦٤] فتولى فرعون قال مقاتل: أعرض عن الحق، وعما يلزمه من الطاعة.
فجمع كيده مكره وحيلته، وذلك جمعه السحرة، ثم أتى حضر الموعد.
{قَالَ لَهُمْ مُوسَى} [طه: ٦١] أي: للسحرة الذين جمعهم فرعون، ويلكم ألزمكم الله الويل، {لا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا} [طه: ٦١] قال ابن عباس: لا تشركوا بالله أحدا، {فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ} [طه: ٦١] ويقرأ بضم الياء يقال: سحته الله، وأسحته إذا استأصله وأهلكه.
قال ابن عباس، ومجاهد: فيهلككم.
وقال قتادة: فيستأصلكم.
{وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى} [طه: ٦١] قال ابن عباس: خسر من ادعى مع الله إلها آخر.
وقال قتادة: خسر من كذب على الله ونسب إليه باطلا.
قوله: {فَتَنَازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ} [طه: ٦٢] تناظروا فِي أمر موسى وتشاوروا، يعني السحرة، سرا من فرعون، فقالوا: إن غلبنا موسى اتبعناه.
وهذا القول اختيار الفراء، والزجاج.
وقال محمد بن إسحاق: لما قال لهم موسى: {لا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا} [طه: ٦١] قال بعضهم لبعض: ما هذا بقول ساحر.
ثم قالوا وأسر بعضهم إلى بعض يتناجون: {إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ} [طه: ٦٣] يعنون موسى وهارون، قال ابن عباس فِي رواية عطاء: هي لغة بلحرث بن كعب، يعني قوله: {إِنْ هَذَانِ} [طه: ٦٣] .
وإجماع النحويين إن هذا لغة حارثية، وذلك أن بلحرث بن كعب، وخثعم، وزبيرا، وقبائل من اليمن يجعلون ألف الاثنين فِي الرفع والنصب والخفض على لفظ واحد، يقولون: أتاني الزيدان، ومررت بالزيدان، وذلك أنهم يقلبون كل ياء ساكنة انفتح ما قبلها ألفا، فعاملوا ياء التثنية أيضا هذه المعاملة، كما قال قائلهم:
أيُّ قلوص راكب تراها ... طاروا علاهن فطر علاها
وهذه ليست ياء التثنية، ولكن لما كانت اللام فِي عليها مفتوحة، قلبوها ألفا، وحكى هذه اللغة جميع النحويين، وقرأ أبو عمرو إن هذين بالياء، بخلاف المصحف، واحتجاجه فِي ذلك بما روي أنه غلط من الكاتب، وأن فِي الكتاب غلط ستقيمه العرب بألسنتها.
وقال الزجاج: لا أجيز هذه القراءة لأنها خلاف المصحف، ولا أجيز مخالفته لأن اتباعه سنة.
وقرأ ابن كثير {إِنْ هَذَانِ} [طه: ٦٣] بتخفيف إن على معنى: ما هذان إلا ساحران، وإن إذا خففت كان الوجه أن يرفع الاسم بعدها،