للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سجدا، حتى رأوا الجنة والنار، ورأوا منازلهم فِي الجنة التي إليها يصيرون، وقوله: {وَالَّذِي فَطَرَنَا} [طه: ٧٢] ذكر الفراء، والزجاج فِيهِ وجهين: أحدهما لن نؤثرك على الله الذي خلقنا، والثاني أنه قسم.

{فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ} [طه: ٧٢] فاصنع ما أنت صانع، {إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا} [طه: ٧٢] قال ابن عباس: إنما سلطانك وملكك فِي هذه الدنيا، فأما الآخرة فليس لك فِيها حظ ولا سلطان.

{إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا} [طه: ٧٣] قال ابن عباس: يريد الشرك الذي كنا فِيهِ.

{وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ} [طه: ٧٣] قال ابن عباس: إن فرعون كان يكره الناس على تعلم السحر.

وذكر فِي التفسير أنه أكره السحرة على معارضة موسى بالسحر.

{وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [طه: ٧٣] قال محمد بن إسحاق: خير منك ثوابا وأبقى عقابا.

وقال محمد بن كعب: خير منك ثوابا إن أطيع، وأبقى عذابا منك إن عصي.

وهذا جواب قوله: {وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى} [طه: ٧١] وههنا انتهى الإخبار عن السحرة.

{إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيَى {٧٤} وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى {٧٥} جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى {٧٦} } [طه: ٧٤-٧٦] قول الله تعالى: {إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا} [طه: ٧٤] قال ابن عباس فِي رواية الضحاك: المجرم الكافر.

وقال فِي رواية عطاء: يريد الذي أجرم وفعل مثل ما فعل فرعون.

{فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيَى} [طه: ٧٤] أي: لا يموت فيستريح، ولا يحيا حياة تنفعه.

قال المبرد: لا يموت ميتة مريحة ولا يحيا حياة تنفعه، فهو يألم كما يألم الحي، ويبلغ به حالة الموت فِي المكروه إلا أنه لا يبطل فيها عن إحساس الألم، والعرب تقول: فلان لا حي ولا ميت إذا كان غير منتفع بحياته، وأنشد ابن الأنباري فِي مثل هذا المعنى:

ألا ما لنفس لا تموت فينقضي ... شقاها ولا تحيا حياة لها طعم

{وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا} [طه: ٧٥] مصدقا بما جاء من عند الله، {قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ} [طه: ٧٥] قال ابن عباس: قد أدى الفرائض.

{فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى} [طه: ٧٥] يعني: درجات الجنة، وبعضها أعلى من بعض، والعلى جمع العليا، وهو تأنيث الأعلى.

٦٠٥ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْفَارِسِيُّ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ الْقُرَشِيُّ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ، نا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، نا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ، نا عَطِيَّةُ الْعَوْفِيُّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ أَهْلَ الدَّرَجَاتِ الْعُلَى لَيَرَاهُمْ مَنْ هُوَ أَسْفَلُ مِنْهُمْ كَأَضْوَإِ كَوْكَبٍ دُرِّيٍّ، وَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ مِنْهُمْ»

قوله: {وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لا تَخَافُ دَرَكًا وَلا تَخْشَى {٧٧}

<<  <  ج: ص:  >  >>