مضى وتقدم، {وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْرًا} [طه: ٩٩] يعني القرآن.
ثم أوعد على الإعراض عنه، وترك الإيمان به، فقال: {مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وِزْرًا} [طه: ١٠٠] حملا ثقيلا من الإثم.
خالدين فيه أي: فِي عذاب ذلك الوزر، {وَسَاءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِمْلا} [طه: ١٠١] قال الكلبي: بئس ما حملوا على أنفسهم من المآثم كفرا بالقرآن.
وقوله: {يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا {١٠٢} يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلا عَشْرًا {١٠٣} نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِنْ لَبِثْتُمْ إِلا يَوْمًا {١٠٤} } [طه: ١٠٢-١٠٤] {يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ} [طه: ١٠٢] وقرأ أبو عمرو ننفخ على معنى إضافة الأمر بالنفخ إلى الله، ويقوي ذلك ما عطف عليه من قوله: {وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ} [طه: ١٠٢] والوجه قراءة العامة، لقوله: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ} [الكهف: ٩٩] وقوله: {يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ} [طه: ١٠٢] فِي سورتين، قال ابن عباس: يريد بالمجرمين الذين اتخذوا مع الله إلها.
وقوله: زرقا قال: يريد زرق العيون، سود الوجوه.
ومعنى الزرقة الخضرة فِي سواد العين كعين السنور، والمعنى فِي هذا تشويه الخلق بسواد الوجوه، وزرقة العيون.
يتخافتون يتسارون فيما بينهم، فيقولون: إن لبثتم أي: ما لبثتم، أي من النفخة الأولى إلى الثانية، إلا عشرا إلا عشر ليالي، وذلك أنه يكف عنهم العذاب فيما بين النفختين، وهو أربعون سنة، استقصروا مدة لبثهم لهول ما عينوا.
قال الله تعالى: {نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ} [طه: ١٠٤] أي: بما يتسارون بينهم، {إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً} [طه: ١٠٤] أعقلهم وأعدلهم قولا، {إِنْ لَبِثْتُمْ إِلا يَوْمًا} [طه: ١٠٤] نسوا مقدار لبثهم لشدة ما دهمهم.
قوله: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا {١٠٥} فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا {١٠٦} لا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلا أَمْتًا {١٠٧} يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لا عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتِ الأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلا تَسْمَعُ إِلا هَمْسًا {١٠٨} } [طه: ١٠٥-١٠٨] {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ} [طه: ١٠٥] قال ابن عباس: سأل رجل من ثقيف رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: كيف تكون الجبال يوم القيامة؟ فأنزل الله هذه الآية.
وقوله: {يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا} [طه: ١٠٥] قال المفسرون: يصيرها الله رمالا تسيل، ثم يصيرها كالصوف المنفوش يطيرها الرياح.
{فَيَذَرُهَا} [طه: ١٠٦] أي: يدع أماكنها من الأرض إذا نسفها، قاعا قال الفراء: القاع ما انبسط من الأرض، ويكون فيه السراب نصف النهار، وجمعه قيعة، ومنه قوله: {كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ} [النور: ٣٩] .
{صَفْصَفًا} [طه: ١٠٦] والصفصف الأملس الذي لا نبات فيه، ونحو هذا قال المفسرون.
{لا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلا أَمْتًا} [طه: ١٠٧] قال عكرمة، عن ابن عباس: ليس