وقوله:{وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى}[طه: ١٢٤] قيل في التفسير: أعمى البصر.
وقيل: أعمى عن الحجة.
يعني أنه لا حجة له يهتدي إليها، والأعمى إذا أطلق كان الظاهر عمى البصر.
يدل على هذا قوله:{قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا}[طه: ١٢٥] قال الفراء: يقال إنه يخرج من قبره بصيرا، فيعمى في حشره.
قال الله مجيبا لهذا الكافر: كذلك أي: الأمر كما ترى، {أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا}[طه: ١٢٦] فتركتها ولم تؤمن بها، {وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى}[طه: ١٢٦] وكما تركتها في الدنيا نتركك اليوم في النار.
{وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى}[طه: ١٢٧] وكذلك وكما ذكرنا، {نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ}[طه: ١٢٧] أشرك، {وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى}[طه: ١٢٧] أفظع وأعظم مما ذكر من عذاب القبر.
وقوله:{يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ}[طه: ١٢٨] يعني أهل مكة، كانوا يتجرون ويسيرون في مساكن عاد وثمود، فيها علامات الإهلاك، أفلا يخافون أن يقع بهم مثل ما وقع بالذين رأوا مسأكنهم، وهو قوله:{إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لأُولِي النُّهَى {١٢٨} وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ} [طه: ١٢٨-١٢٩] في تأخير العذاب عن هؤلاء الكفار إلى يوم القيامة، وهو قوله: وأجل مسمى، {لَكَانَ لِزَامًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى}[طه: ١٢٩] لكان العذاب لازما لهم، واللزام مصدر وصف به العذاب.