للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الريح أن تعصف عصفت، وإذا أراد أن ترخي أرخت، وذلك قوله: {رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ} [ص: ٣٦] ، {تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا} [الأنبياء: ٨١] وهي أرض الشام، وقد مر في هذه ال { قال الفراء: كانت تجري بسليمان إلى موضع، ثم تعود به من يوم إلى منزله.

] وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ} [سورة الأنبياء: ٨١] علمناه، عالمين بصحة هذا التدبير فيه، علمنا أنه ما يعطى سليمان من تسخير الريح وغيره يدعوه إلى الخضوع لربه.

{وَمِنَ الشَّيَاطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ} [الأنبياء: ٨٢] الغوص: الدخول تحت الماء، كانوا يستخرجون له الجواهر من البحر، {وَيَعْمَلُونَ عَمَلا دُونَ ذَلِكَ} [الأنبياء: ٨٢] سوى الغوص من البناء وغيره من الأعمال، {وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ} [الأنبياء: ٨٢] من أن يفسدوا ما عملوا، قاله الفراء، والزجاج.

قوله: {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ {٨٣} فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ {٨٤} } [الأنبياء: ٨٣-٨٤] {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ} [الأنبياء: ٨٣] دعا ربه، {أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ} [الأنبياء: ٨٣] أصابني الجهد، {وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} [الأنبياء: ٨٣] أكثرهم رحمة، وهذا تعريض منه بمسألة الرحمة، إذ أثنى عليه بأنه الأرحم وسكت، وقال رجل لأبي عبد الله الناجي: يا أبا عبد الله، الراضي يسأل ربه.

قال يعرض، قال: مثل أيش، قال: مثل قول أيوب: {مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} [الأنبياء: ٨٣] وقال العلماء: لم يكن جزعا من أيوب مع ما وصفه الله به من الصبر، إذ يقول: {إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا} [ص: ٤٤] وكان هذا دعاء منه.

ألا ترى أن الله قال: فاستجبنا له على أن الجزع إنما هو في الشكوى إلى الخلق، فأما من اشتكى إلى الله فليس بجازع، وقوله يعقوب عليه السلام: {أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ} [يوسف: ٨٦] لا يحمل على الجزع، قال سفيان بن عينية: وكذلك من شكا إلى الناس، وهو في شكواه راض بقضاء الله، لم يكن ذلك جزعا، ألم تسمع إلى قول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في مرضه: «أجدني مغموما، وأجدني مكروبا» .

وقال عليه السلام: «بل أنا واراساه» .

قوله: {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ} [الأنبياء: ٨٤] قال ابن عباس: يريد الأوجاع.

{وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ} [الأنبياء: ٨٤] قال ابن مسعود، وقتادة، والحسن: أحيا الله له أولاده الذين هلكوا في بلائه، وأوتي مثلهم في الدنيا.

٦٢٠ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَارِثِ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، نا أَبُو يَحْيَى الرَّازِيُّ، نا سَهْلُ بْنُ عُثْمَانَ، نا أَبُو مَالِكٍ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: قَالَ: سَأَلْتُ نَبِيَّ اللَّهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنْ قَوْلِهِ: وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ {، فَقَالَ: يَابْنَ عَبَّاسٍ، رَدَّ اللَّهُ امْرَأَتَهُ إِلَيْهِ، وَزَادَ فِي شَبَابِهَا حَتَّى وَلَدَتْ لَهُ سِتَّةً وَعِشْرِينَ ذَكَرًا، وَأَهْبَطَ اللَّهُ إِلَيْهِ مَلَكًا، فَقَالَ: يَا أَيُّوبُ، إِنَّ اللَّهَ يُقْرِئُكَ السَّلامَ بِصَبْرِكَ عَلَى الْبَلاءِ، فَاخْرُجْ إِلَى أَنْدَرِكَ، فَبَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهِ سَحَابَةً حَمْرَاءَ فَهَبَطَتْ عَلَيْهِ بِجَرَادِ الذَّهَبِ، وَالْمَلَكُ قَائِمٌ مَعَهُ، فَكَانَتِ الْجَرَادُ تَذْهَبُ فَيَتْبَعُهَا حَتَّى يَرُدَّهَا فِي أَنْدَرِهِ، فَقَالَ الْمَلَكُ: يَا

<<  <  ج: ص:  >  >>