ولو ولدت فقيرة جرو كلب ... لسب بذلك الجرو الكلابا
قال أبو علي الفارسي: هذا إنما يجوز في ضرورة الشعر.
وراوي هذه القراءة عن عاصم غالط في الرواية، فإنه قرأ ننجي بنونين، كما روى حفص عنه، ولكن النون الثانية من ننجي تخفى مع الجيم، ولا يجوز تبيينها، فالتبس على السامع الإخفاء بالإدغام، فظن أنه إدغام، ويدل على هذا إسكانه الياء من ننجي ونصب قوله: المؤمنين ولو كان على ما لم يسم فاعله ما سكن الياء، ولوجب أن يرفع المؤمنين.
{وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ {٨٩} فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ {٩٠} } [الأنبياء: ٨٩-٩٠] وقوله: {وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْدًا} [الأنبياء: ٨٩] قال ابن عباس: وحيد بلا ولد.
وهذا كقوله: {فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا {٥} يَرِثُنِي} [مريم: ٥-٦] .
وقوله: {وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ} [الأنبياء: ٨٩] ثناء على الله بأنه الباقي بعد فناء خلقه، وأنه أفضل من يبقى حيا بعد ميت، وأن الخلق كلهم يموتون، ويبقى هو، وقوله: {وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ} [الأنبياء: ٩٠] قال قتادة: كانت عاقرا فجعلها الله ولودا.
وقال الكلبي: كانت عقيما فأصلحت له بالولد، فولدت وهي بنت تسع وتسعين سنة.
وهذا قول أكثرهم: إن إصلاح زوجه إزالة عقرها.
وقوله: إنهم يعني: زكريا وامرأته ويحيى، وبعض المفسرين يذهب إلى أن الكفاية تعود إلى الأنبياء الذين ذكرهم الله في هذه ال { [.
ومعنى] يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ} [سورة الأنبياء: ٩٠] يبادرون في طاعة الله وأداء فرائضه، {وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا} [الأنبياء: ٩٠] أي: للرغبة والرهبة، رغبة في الجنة، وخوفا من النار، {وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ} [الأنبياء: ٩٠] قال قتادة: ذللا لأمر الله.
{وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: ٩١] والتي يعني: مريم، أحصنت فرجها حفظت فرجها، ومنعته عما لا يحل، وقال الفراء: ذكر المفسرون أنه جيب درعها.
وهذا محتمل لأن الفرج في اللغة: كل فرجة بين شيئين، وموضع جيب درع المرأة مشقوق، وهو فرج، وهذا أبلغ في الثناء عليها، لأنها إذا منعت جيب درعها فهي لنفسها أمنع، فنفخنا فيها أمرنا جبريل حتى نفخ في درعها، فأجرينا فيها روح المسيح كما تجري الريح بالمنفخ، وذلك أن الله تعالى أجرى فيها روح المسيح بنفخ جبريل، وأحدث بذلك النفخ عيسى في رحمها، وقوله: من روحنا أضاف الروح إليه إضافة الملك، للتشريف