المكان الذي يصلي فيه، فكان لولا الدفع، لهدم في زمن موسى الكنايس، وفي زمن عيسى الصوامع، وفي زمن محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المساجد.
وقوله:{وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ}[الحج: ٤٠] أي: ينصر دينه وشريعته، {إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ}[الحج: ٤٠] على خلقه، عزيز منيع في سلطانه وقدرته، وقال مقاتل: عزيز في انتقامه من عدوه.
{الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ}[الحج: ٤١]{الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ}[الحج: ٤١] قال الزجاج: هذا من صفة ناصريه.
يعني: إن هذا صفة من قوله: {مَنْ يَنْصُرُهُ}[الحج: ٤٠] ومعنى {مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ}[الحج: ٤١] نصرناهم على عدوهم حتى يتمكنوا من البلاد.
قال قتادة ومقاتل: هم أصحاب محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وقال الحسن، وعكرمة: هم هذه الأمة، أهل الصلوات الخمس.
وهذا يدل على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إذ قرنا بالصلاة والزكاة، {وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ}[لقمان: ٢٢] ، كقوله:{وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ}[الحج: ٧٦] والمعنى: إنه يبطل كل ملك سوى ملكه، فتصير الأمور إليه بلا منازع ومدع.
ثم عزى نبيه عليه السلام عن تكذيبهم إياه وخوف مخالقيه بذكر من كذب نبيه فأهلك بقوله:{وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَثَمُودُ {٤٢} وَقَوْمُ إِبْرَاهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ {٤٣} وَأَصْحَابُ مَدْيَنَ وَكُذِّبَ مُوسَى فَأَمْلَيْتُ لِلْكَافِرِينَ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ {٤٤} فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ {٤٥} أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ {٤٦} } [الحج: ٤٢-٤٦] وإن يكذبوك إلى قوله: فأمليت للكافرين أي: أخرت عقوبتهم وأمهلتهم، يقال: أملى الله لفلان في العمر إذا أخر عنه أجله، وقوله: ثم أخذتهم أي بالعذاب، {فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ}[الحج: ٤٤] استفهام معناه التقرير، تقول: كيف أنكرت عليهم ما فعلوا من التكذيب، أبدلتهم بالنعمة نقمة، وبالحياة هلاكا، وبالعمارة خرابا، والنكير اسم من الإنكار.
قال الزجاج: أي أخذتهم فأنكرت أبلغ إنكار.
ثم ذكر كيف عذب أهل القرى المكذبة، فقال: وكأين من قرية أهلكتها وقرئ أهلكناها كقوله: {وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ}[الأنبياء: ١١] وكم من قرية أهلكناها، والاختيار التاء لقوله: فأمليت وقوله: وهي ظالمة أي: وأهلها ظالمون بالتكذيب والكفر، {فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا}[الحج: ٤٥] تقدم تفسيره في { [البقرة، وبئر معطلة عطف على قوله: من قرية لأن المعنى: