وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [الحج: ٥٨] من مكة إلى المدينة، {ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقًا حَسَنًا وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ}[الحج: ٥٨] قال السدي: هو رزق الجنة.
{لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلا يَرْضَوْنَهُ}[الحج: ٥٩] لأن لهم فيه ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين، والمدخل يجوز أن يكون بمعنى المصدر وبمعنى المكان، فإذا كان بمعنى المصدر فالمراد به إدخالا يكرمون به فيرضونه، وقرئ مدخلا بفتح الميم على تقدير فيدخلون مدخلا يرضونه، {وَإِنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ}[الحج: ٥٩] بنياتهم، حليم عن عقابهم.
ذلك أي: الأمر ذلك الذي قصصنا عليك، ثم قال:{وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ}[الحج: ٦٠] من جازى الظالم بمثل ما ظلمه، قال الحسن: بمعنى قاتل المشركين كما قاتلوه.
{ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ}[الحج: ٦٠] أي: ظالم بإخراجه من منزله، يعني: ما أتاه المشركون من البغي على المسلمين حين أحوجوهم إلى مفارقة أوطانهم، نزلت في قوم قاتلوا المشركين دفعا لهم عن أنفسهم، ثم خرجوا من ديارهم، فوعدهم الله النصر بقوله: لينصرنه الله يعني: المظلوم الذي بغي عليه، {إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ}[الحج: ٦٠] قال ابن عباس: عفا عن مساوئ المؤمنين وغفر لهم ذنوبهم.
{ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ {٦١} ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ {٦٢} } [الحج: ٦١-٦٢] ذلك أي: ذلك النصر، بأنه القادر على ما يشاء، فمن قدرته أنه {يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ}[الحج: ٦١] لدعاء المؤمنين، بصير بهم حيث جعل فيهم البر والتقوى والإيمان.
ذلك الذي فعل من نصر المؤمنين، {بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ}[الحج: ٦٢] ذو الحق في قوله وفعله، فدينه حق، وعبادته حق، {وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ}[الحج: ٦٢] يعني المشركين، {مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ}[الحج: ٦٢] الذي ليس عنده ضر ولا نفع، {وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ}[الحج: ٦٢] العالي على كل شيء بقدرته، الكبير الذي يصغر كل شيء سواه.