روي عن سيبويه , أنه قال: هي بمنزلة علقاه.
يعني في التأنيث , وإذا كان كذلك كان الوقف بالهاء , قال الفراء: كان الكسائي يختار الوقف بالهاء , وأنا أختار التاء وعنده أن هذه التاء ليست بتاء التأنيث.
قوله: {إِنْ هِيَ إِلا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا} [المؤمنون: ٣٧] قالوا: ما الحياة إلا ما نحن فيه , لا الحياة الآخرة التي تعدنا بعد البعث , {نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ} [المؤمنون: ٣٧] نهلك نحن ويبقى أبناؤنا , ويهلك أبناؤنا ويبقى أبناؤهم.
{إِنْ هُوَ إِلا رَجُلٌ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا} [المؤمنون: ٣٨] ما هو إلا مفتر كاذب على الله في ذكر البعث و {وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ} [المؤمنون: ٣٨] بمصدقين فيما يقول.
{قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ} [المؤمنون: ٣٩] تقدم تفسيره , قَالَ الله: {عَمَّا قَلِيلٍ} [المؤمنون: ٤٠] من الزمان والوقت , يعني: عند الموت , أو عند نزول العذاب بهم , {لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ} [المؤمنون: ٤٠] على الكفر والتكذيب.
{فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ} [المؤمنون: ٤١] صاح بهم جبريل صيحة واحدة ماتوا عن آخرهم بتصدع قلوبهم , وقوله: بِالْحَقِّ أي: باستحقاقهم العذاب بكفرهم , {فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاءً} [المؤمنون: ٤١] وهو ما جاء به السيل من نبات قد يبس وكل ما تحمله السيل على رأس الماء من قصب وحشيش وعيدان شجر فهو غثاء، والمعنى: صيرناهم هلكى فيبسوا كما يبس الغثاء من نبات الأرض فهمدوا , {فَبُعْدًا} [المؤمنون: ٤١] أي: ألزمهم الله بعدا من الرحمة , {لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [المؤمنون: ٤١] المكذبين المشركين , وما بعد هذا ظاهر التفسير إلى قوله: {ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَا كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَسُولُهَا كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضًا وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ فَبُعْدًا لِقَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ} [المؤمنون: ٤٤] {ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَا} [المؤمنون: ٤٤] أي: بعضها في إثر بعض غير متصلين , لأن بين كل نبيين دهرا طويلا , وهي فعلى من المواترة، قال الأصمعي: يقال: واترت الخبر , أتبعت بعضه بعضا , وبين الخبرين هنيهة , وهي كالدعوى والتقوى , وأكثر العرب على ترك تنوينها.
وقرأ ابن كثير تترا منونة , وتترا على هذه القراءة فعلا والألف فيها كالألف في رأيت زيدا وعمرا , فإذا وقفت كانت الألف بدلا من التنوين وحقها أن تفخم ولا تمال، قال المبرد: من قرأ {تَتْرَا} [المؤمنون: ٤٤] فهو مثل شكوى , ومن قرأ تترى مثل شكوت شكوى , وعلى القراءتين جميعا التاء الأولى بدل من الواو , وتترا مصدرا، واسم قام مقام الحال لأن المعنى متواترة، وقوله: {كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَسُولُهَا كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضًا} [المؤمنون: ٤٤] أهلكنا الأمم بعضهم في أثر بعض، {وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ} [المؤمنون: ٤٤] لمن بعدهم من الناس، يتحدثون بأمرهم وشأنهم.
{ثُمَّ أَرْسَلْنَا مُوسَى وَأَخَاهُ هَارُونَ بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ {٤٥} إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا عَالِينَ {٤٦} فَقَالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ {٤٧} فَكَذَّبُوهُمَا فَكَانُوا مِنَ الْمُهْلَكِينَ {٤٨} وَلَقَدْ