للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وسخري.

وعلى القراءتين جميعا هو مصدر وصف به، ولذلك أفرد ابن عباس: يريد تستهزئون بهم.

وقال مقاتل: إن كفار قريش كانوا يستهزئون من عمار وبلال وخباب وصهيب وسلمان وسالم.

وقوله:] حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي} [سورة المؤمنون: ١١٠] أي: نسيتم ذكري لاشتغالكم بالسخرية منهم وبالضحك منهم، فنسب الإنساء إلى عباده المؤمنين وإن لم يفعلوه لما كانوا السبب، كقوله: {رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ} [إبراهيم: ٣٦] لما كانت سببا في الإضلال، نسب الإضلال إليها معنى قول المفسرين ترككم الاستهزاء لا تؤمنون بالقرآن.

{إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا} [المؤمنون: ١١١] على أذاكم واستهزائكم، {أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ} [المؤمنون: ١١١] في موضع المفعول الثاني لجزيت، والمعنى: جزيتهم اليوم بصبرهم الفوز، ومن كسر استأنف وأخبر، فقال: {أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ} [المؤمنون: ١١١] أي: الذين قالوا ما أرادوا.

قوله: {قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ {١١٢} قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ {١١٣} قَالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلا قَلِيلا لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ {١١٤} أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ {١١٥} فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلَهَ إِلا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ {١١٦} } [المؤمنون: ١١٢-١١٦] {قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الأَرْضِ} [المؤمنون: ١١٢] قال الله تعالى للكفار يوم البعث: كم لبثتم في الأرض.

يعني الدنيا وفي القبور، {عَدَدَ سِنِينَ} [المؤمنون: ١١٢] وقرئ قل أي: قل أيها الكافر المسئول عن قدر لبثه كم لبثتم.

{قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ} [المؤمنون: ١١٣] قال ابن عباس: أنساهم الله قدر لبثهم، فيرون أنهم لم يلبثوا إلا يوما أو بعض يوم، لعظيم ما هم بصدده من العذاب، بسوء ذلك، قوله: {فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ} [المؤمنون: ١١٣] يعني الملائكة.

{قَالَ إِنْ لَبِثْتُمْ} [المؤمنون: ١١٤] أي: قال الله تعالى: ما لبثتم في الأرض إلا قليلا، لأن مكثهم في القبور، وإن طال، فإنه متناه قليل عند طول مكثهم في عذاب جهنم، لأنه خلود ولا يتناهى.

وقوله: {لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [المؤمنون: ١١٤] أي: قدر لبثكم في الدنيا.

قوله: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا} [المؤمنون: ١١٥] العبث في اللغة اللعب، يقال: عبث عبثا فهو عابث، لاعب بما لا يعنيه، ومعناه للعبث.

قال ابن عباس: يريد كما خلقت البهائم لا ثواب لها ولا عقاب عليها.

مثل قوله: {أَيَحْسَبُ الإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى} [القيامة: ٣٦] أن يهمل كما تهمل البهائم، والمعنى: أفحسبتم أنكم خلقتم للعبث فتعبثوا ولا تعملوا بطاعة الله، {وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ} [المؤمنون: ١١٥] في الآخرة للجزاء.

{فَتَعَالَى اللَّهُ} [المؤمنون: ١١٦] عما يصفه به الجهال من الشريك والولد، {الْمَلِكُ الْحَقُّ} [المؤمنون: ١١٦]

<<  <  ج: ص:  >  >>