قوله:{وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ}[النور: ٧] قال ابن عباس: وذلك أن الرجل يذكر أنه رأى مع امرأته رجلا أربع مرات، ثم يقول في الخامسة: اللهم العنه إن كان كذب عليها.
وقرأ نافع أن مخففة لعنة بالرفع، قال سيبويه: لا تخفف في الكلام وبعدها الأسماء إلا وأنت تريد الثقيلة.
وقال الأخفش: لا أعلم الثقيلة إلا أجود في العربية، لأنك إذا خففت فالأصل الثقيلة، فتخفف وتضمر الشأن، فأن تجيء بالأصل ولا تحذف شيئا ولا تضمر أجود.
{وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ}[النور: ٨] أي: ويدفع عنها الحد {أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ}[النور: ٨] تقول المرأة أربع مرات: أشهد بالله إنه لمن الكاذبين فيما قذفني به، وتقول في الخامسة: عليّ غضب الله إن كان من الصادقين.
{وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ}[النور: ١٠] أي: ستره ونعمته، لولا ههنا محذوف الجواب، قال الزجاج: المعنى لولا فضل الله لنال الكاذب منها عذاب عظيم، أي: لبين الكاذب من الزوجين فيقام عليه الحد، {وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ}[النور: ١٠] يعود على من رجع عن معاصي الله إلى ما يجب بالرحمة، {حَكِيمٌ}[النور: ١٠] فيما فرض من الحدود.
{إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ}[النور: ١١] قوله: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإِفْكِ}[النور: ١١] يعني: بالكذب على عائشة رضي الله عنها، والإفك: أسوأ الكذب، وهو مأخوذ من أفك الشيء إذا قلبه عن وجهه، والإفك هو الحديث المقلوب عن وجهه، ومعنى القلب في هذا الحديث أن عائشة كانت تستحق الثناء بما كانت عليه من الحصانة وشرف الحسب والنسب لا القذف الذي رموها به، فالذين رموها بالسوء قلبوا الأمر عن وجهه، فهو إفك قبيح، وكذب ظاهر، وكانت قصة الإفك على ما: