صالحا، يريد الفرائض، فإنه يتوب إلى الله متابا.
قال: يريد أني فضلتهم وقدمتهم على من قاتل نبيي، واستحل محارمي.
وعلى هذا معنى الآية: ومن تاب من الشرك وعمل صالحا، ولم يكن من القبيل الذين زنوا وقتلوا، فإنه يتوب إلى الله، أي يعود إليه بعد الموت، متابا حسنا، يفضل على غيره ممن قتل وزنا، فالتوبة الأولى رجوع عن الشرك، والثانية رجوع إلى الله للجزاء والمكافأة.
{وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا {٧٢} وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا {٧٣} وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا {٧٤} } [الفرقان: ٧٢-٧٤] وقوله: {وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ} [الفرقان: ٧٢] أكثر المفسرين على أن الزور ههنا بمعنى الشرك، قال الزجاج: الزور في اللغة الكذب، ولا كذب فوق الشرك بالله.
وقال قتادة: لا يشهدون الزور، لا يساعدون أهل الباطل على باطلهم.
وقال محمد ابن الحنفية: لا يشهدون الزور، اللهو والغناء.
وقال علي بن أبي طلحة: يعني شهادة الزور.
وقوله: {وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ} [الفرقان: ٧٢] يعني: بالمعاصي كلها، قاله الحسن، والكلبي.
{مَرُّوا كِرَامًا} [الفرقان: ٧٢] مروا مرّ الكرماء الذين لا يرضون باللغو، لأنهم يجلون عن الدخول فيه، والاختلاط بأهله، يقال: تكرم فلان عما يشينه إذا تنزه وأكرم نفسه عنه.
والمعنى: مروا منزهين أنفسهم، معرضين عنه، ويكون التقدير وإذا مروا بأهل اللغو وذوي اللغو مروا كراما، فلم يجاوروهم فيه، ولم يخوضوا معهم فيه.
{وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ} [الفرقان: ٧٣] قال مقاتل: إذا وعظوا بالقرآن.
{لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا} [الفرقان: ٧٣] يقول: لم يقعوا عليها صما لم يسمعوها، وعميا لم يبصروها، ولكنهم سمعوا وأبصروا وانتفعوا بها.
وقال ابن قتيبة: لم يتغافلوا عنها كأنهم صم لم يسمعوها، وعمي لم يروها.
وقال الحسن: كم من قارئ يقرأها يخر عليها أصم أعمى.
{وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا} [الفرقان: ٧٤] الذرية تكون واحدا وجمعا، فكونها للواحد قوله: {رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً} [آل عمران: ٣٨] ، وكونها للجمع قوله: {ذُرِّيَّةً ضِعَافًا} [النساء: ٩] فمن أفرد في هذه الآية استغنى عن جمعها لما كانت للجمع، ومن جمع فلأن الأسماء التي للجمع قد تجمع، نحو: قوم وأقوام، ورهط وأرهاط.
وقوله: {قُرَّةَ أَعْيُنٍ} [الفرقان: ٧٤] القرة مصدر، يقال: