للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تعاونا على السحر والضلالة، يعنون موسى ومحمدا، ومن قرأ سحران فقال مقاتل: يعنون التوراة والقرآن.

وهو قول عكرمة والكلبي، والمعنى: كل سحر منهما يقوي الآخر، فنسب التظاهر إلى السحرين على الاتساع.

{وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ} [القصص: ٤٨] من التوراة والقرآن، كافرون.

قال الله لنبيه: قل لكفار مكة: {فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا} [القصص: ٤٩] من التوراة والقرآن، {أَتَّبِعْهُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [القصص: ٤٩] أنهما ساحرين، {فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ} [القصص: ٥٠] فإن لم يأتوا بمثل التوراة والقرآن، {فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ} [القصص: ٥٠] قال الزجاج: فاعلم أن ما ركبوه من الكفر لا حجة لهم فيه، وإنما آثروا فيه الهوى، ثم ذمهم، فقال: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ} [القصص: ٥٠] لا أحد أضل ممن اتبع هواه بغير رشاد ولا بيان من الله، {إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [القصص: ٥٠] لا يجعل جزاء المشركين الجاحدين أن يهديهم إلى دينه.

{وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ} [القصص: ٥١] قال الفراء: أنزلنا القرآن يتبع بعضه بعضا.

وقال قتادة: وصل لهم القول في هذا القرآن يخبرهم كيف صنع بمن مضى.

وقال مقاتل: يقول: لقد بينا لكفار مكة بما في القرآن من خبر الأمم الخالية كيف عذبوا بتكذيبهم.

{لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} [القصص: ٥١] لكي يتعظوا ويخافوا فيؤمنوا.

{الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ {٥٢} وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ {٥٣} أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ {٥٤} وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ {٥٥} } [القصص: ٥٢-٥٥] {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ} [القصص: ٥٢] من قبل القرآن، {هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ} [القصص: ٥٢] بمحمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال السدي: يعني مسلمي اليهود، عبد الله بن سلام ومن أسلم منهم.

وقال مقاتل: يعني مسلمي أهل الإنجيل، وهم الذين قدموا مع جعفر بن أبي طالب من الحبشة.

ثم وصفهم الله، فقال: {وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ} [القصص: ٥٣] يعني القرآن، {قَالُوا آمَنَّا بِهِ} [القصص: ٥٣] صدقنا بالقرآن، {إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا} [القصص: ٥٣] وذلك أن ذكر النبي كان مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل فلم يعاندوا هؤلاء، قالوا للقرآن: {إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ} [القصص: ٥٣] من قبل القرآن، مسلمين مخلصين لله بالتوحيد، مؤمنين بمحمد أنه نبي حق.

ثم أثنى عليهم خيرا، فقال: {أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا} [القصص: ٥٤] مرة بتمسكهم بدينهم حتى إذا أدركوا محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آمنوا به، ومرة بإيمانهم به، وقال قتادة: بما صبروا على الكتاب الأول والكتاب الثاني.

{وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ} [القصص: ٥٤] قال ابن عباس رضي الله عنه: يدفعون بشهادة أن لا إله إلا الله الشرك.

وقال مقاتل: يدفعون ما يسمعون من الأذى والشتم من المشركين بالصفح والعفو.

{وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ} [القصص: ٥٤] من الأموال، ينفقون في طاعة الله.

{وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ} [القصص: ٥٥] الباطل والشتم من المشركين، وذلك أنهم شتموهم حين آمنوا بمحمد عليه السلام،

<<  <  ج: ص:  >  >>