نشروا بالمناشير على دين الله فلم يرجعوا عنه.
وقال غيره: يعني بني إسرائيل، ابتلوا بفرعون، فكان يسومهم سوء العذاب.
وقوله: {فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا} [العنكبوت: ٣] في إيمانهم، وليعلمن الكاذبين في إيمانهم، فيشكوا عند البلاء.
ثم أوعد كفار العرب، فقال: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ} [العنكبوت: ٤] يعني الشرك، قال ابن عباس: يريد الوليد بن المغيرة، وأبا جهل، والأسود، والعاصي بن هشام وغيرهم.
أن يسبقونا يفوقونا ويعجزونا، {سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} [العنكبوت: ٤] بئس ما حكموا لأنفسهم حين ظنوا ذلك.
{مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لآتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ {٥} وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ {٦} وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ {٧} } [العنكبوت: ٥-٧] قوله: {مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ} [العنكبوت: ٥] من كان يخشى البعث ويخاف الحساب والرجاء، بمعنى الخوف كثير، قال سعيد بن جبير: من كان يطمع في ثواب الله.
واختار الزجاج، فقال: معناه من كان يرجو ثواب لقاء الله.
أي: ثواب المصير إليه، والرجاء على هذا القول معناه الأمل.
{فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لآتٍ} [العنكبوت: ٥] أي: الأجل المضروب للبعث يأتي.
قال مقاتل: يعني يوم القيامة لآت.
والمعنى: فليعمل لذلك اليوم، كقوله: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلا صَالِحًا} [الكهف: ١١٠] روى مكحول، أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لما نزلت هذه الآية: " يا علي، ويا فاطمة، إن الله قد أنزل {مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لآتٍ} [العنكبوت: ٥] ".
وإن حقيقة رجاء لقاء الله أن يستعد الإنسان لأجل الله إذا كان آتيا باتباع طاعته واجتناب معصيته، وهو يعلم أن الله يسمع ما يقول، ويعلم ما يعمل، ولذلك قال: {وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [العنكبوت: ٥] .
قوله: {وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ} [العنكبوت: ٦] قال مقاتل: يقول: من يعمل الخير فإنما يعمل لنفسه.
{إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} [العنكبوت: ٦] عن أعمالهم وعبادتهم.
{وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ} [العنكبوت: ٧] لنبطلنها حتى تصير بمنزلة ما لم يعمل، {وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ} [العنكبوت: ٧] أي: بأحسن أعمالهم وهو الطاعة، ولا يجزيهم بمساوئ أعمالهم.
قوله: {وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ {٨} وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ {٩} } [العنكبوت: ٨-٩] .
{وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا} [العنكبوت: ٨] أي: برا وعطفا عليهما، قال الزجاج: معناه: ووصينا الإنسان أن يفعل بوالديه ما