غلبت، يعني أن غلبة أحد الفريقين الآخر أيهما كان الغالب أو المغلوب فإن ذلك كان بأمر الله وإرادته، وقضائه وقدرته، ويومئذ يعني: يوم تغلب الروم فارس، {يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ {٤} بِنَصْرِ اللَّهِ} [الروم: ٤-٥] الروم على فارس، قال السدي: فرح النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والمؤمنون بظهورهم على المشركين يوم بدر، وظهور أهل الكتاب على أهل الشرك بنصر الله.
{يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ}[الروم: ٥] الغالب، الرحيم بالمؤمنين، قال الزجاج: وهذه من الآيات التي تدل على أن القرآن من عند الله، لأنه أنبأ بما سيكون، وهذا لا يعلمه إلا الله عز وجل.
قوله: وعد الله أي: وعد الله ذلك وعدا، {لا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ}[الروم: ٦] في ظهور الروم على فارس، {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ}[الروم: ٦] يعني: كفار مكة، لا يعلمون أن الله لا يخلف وعده في إظهار الروم على فارس.
ثم وصف كفار مكة، فقال:{يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}[الروم: ٧] يعني: معايشهم وما يصلحهم، وقال الحسن: يعلمون متى زرعهم، ومتى حصادهم.
وروي عنه أنه قال: بلغ والله من علم أحدهم بالدنيا أنه ينقد الدرهم بيده، فيخبرك بوزنه، ولا يحسن أن يصلي.
وقال الضحاك: يعلمون بنيات قصورها، وتشقيق أنهارها، وغرس أشجارها.
وقال الزجاج: يعلمون معايش الحياة، لأنهم كانوا يعالجون التجارات، فأعلم الله مقدار ما يعلمون.
{وَهُمْ عَنِ الآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ}[الروم: ٧] حين لم يؤمنوا بها، ولم يعدوا لها.