للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لآيات لعبرا ودلالات، {لِكُلِّ صَبَّارٍ} [سبأ: ١٩] عن معاصي الله، شكور لأنعمه، قال مقاتل: يعني المؤمنين من هذه الأمة، صبور على البلاء، شكور لله في نعمه.

قوله: {وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ {٢٠} وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلا لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ {٢١} } [سبأ: ٢٠-٢١] {وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ} [سبأ: ٢٠] قال الزجاج: صدق في ظنه أنه إذا أغواهم اتبعوه فوجدهم كذلك، فمن شدد نصب الظن لأنه مفعول به، ومن خفف نصبه على معنى صدق عليهم في ظنه، قال مجاهد: صدق ظنه على الناس كلهم إلا من أطاع الله.

وهو قوله: {إِلا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [سبأ: ٢٠] قال السدي، عن ابن عباس: يعني المؤمنين كلهم، وهم الذين قال الله تعالى: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ} [الحجر: ٤٢] قال ابن قتيبة: إن إبليس لما سأل النظرة فأنظره، قال: لأغوينهم، ولأضلنهم، ولأمنينهم، ولآمرنهم ولم يكن في وقت هذه المقالة مستيقنا أن ما قدره فيهم يتم، وإنما قاله ظانا، فلما اتبعوه وأطاعوه صدق عليهم ما ظنه فيهم، قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطَانٍ} [سبأ: ٢١] أي: ما كان تسليطنا إياه إلا لنعلم المؤمنين من الشاكين، يعني نعلمهم موجودين ظاهرين، والمعنى: ما سلطناه عليهم إلا لنعلم إيمان المؤمن ظاهرا، وكفر الكافر ظاهرا، وهو قوله: {إِلا لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ} [سبأ: ٢١] والعلم بهما موجودين هو الذي يقع به الجزاء.

وقوله: {وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ} [سبأ: ٢١] قال مقاتل: على كل شيء من الإيمان والشك.

قوله: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ {٢٢} وَلا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ {٢٣} } [سبأ: ٢٢-٢٣] قل لكفار مكة، {ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ} [سبأ: ٢٢] أنهم آلهة، {مِنْ دُونِ اللَّهِ} [سبأ: ٢٢] قال مقاتل: يقول: ادعوهم ليكشفوا عنكم الضر الذي نزل بكم في سني الجوع.

ثم أخبر عنهم، فقال: {لا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ} [سبأ: ٢٢] أي: من خير وشر، ونفع وضر.

{وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ} [سبأ: ٢٢] لم يشاركونا في شيء من خلقهما، وما لهم وما لله، منهم من الآلهة، من ظهير من معين على شيء.

قوله: {وَلا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ} [سبأ: ٢٣] أي: لا تنفع شفاعة ملك مقرب ولا نبي مرسل حتى يؤذن له في الشفاعة، وقرئ بضم الهمزة وفتحها، فمن فتح كان المعنى: إلا لمن

<<  <  ج: ص:  >  >>