للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

صبرك أو جزعك.

{قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ} [الصافات: ١٠٢] قال ابن عباس: ما أوحي إليك من ذبحي.

{سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ} [الصافات: ١٠٢] على بلائه.

{فَلَمَّا أَسْلَمَا} [الصافات: ١٠٣] أي: استسلما لأمر الله وأطاعا، {وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ} [الصافات: ١٠٣] صرعه على أحد جبينيه، قال ابن عباس: أضجعه على جبينه على الأرض، وللوجه جبينان والجبهة بينهما.

قال السدي: ضرب الله على عنقه صحيفة نحاس فجعل إبراهيم ينحر ولا يقطع.

ونودي من الجبل: يا إبراهيم، فهو قوله: {وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ {١٠٤} قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا} [الصافات: ١٠٤-١٠٥] لأن الله قد عرف منهما الصدق، حيث قصد إبراهيم الذبح بما أمكنه، وطاوع الابن بالتمكين من الذبح، ففعل كل واحد منهما ما أمكنه وإن لم يتحقق الذبح، وكان قد رأى في النوم معالجة الذبح ولم ير إراقة الدم، ففعل في اليقظة ما رأى في النوم، لذلك قيل له: قد صدقت الرؤيا، وتم الكلام، ثم قال: {إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} [الصافات: ١٠٥] هذا ابتداء إخبار من الله تعالى وليس يتصل بما قبله من الكلام الذي يؤدي به إبراهيم، والمعنى: إنا كما ذكرنا من العفو عن ذبح ولده نجزي من أحسن في طاعتنا.

قال مقاتل: جزاه الله تعالى بإحسانه في طاعته العفو عن ذبح ابنه.

{إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ} [الصافات: ١٠٦] الاختبار الظاهر، حيث اختبر بذبح بكره ووحيده، وقال مقاتل: البلاء ههنا النعمة، وهو أن فدى ابنه بالكبش.

وهو قوله: {وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ} [الصافات: ١٠٧] بكبش، عظيم.

٧٨٧ - أَخْبَرَنَا الْمُؤَمَّلُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَيْنِ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُعَيْمٍ، نا مُحَمَّدٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الصَّفَّارِ، نا الْحَسَنُ بْنُ الْجَهْمِ، نا الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَرَجِ، نا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْوَاقِدِيُّ، حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ، عَنِ ابْنِ مَالِكٍ، وَكَانَ مَوْلًى لِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، قَالَ: سَأَلْتُ خَوَّاتَ بْنَ جُبَيْرٍ: ذَبِيحُ اللَّهِ أَيُّهُمَا كَانَ؟ فَقَالَ: إِسْمَاعِيلُ، لَمَّا بَلَغَ إِسْمَاعِيلُ ابْنَ سَبْعِ سِنِينَ رَأَى إِبْرَاهِيمُ فِي النَّوْمِ فِي مَنْزِلِهِ بِالشَّامِ أَنَّهُ يَذْبَحُ إِسْمَاعِيلَ، فَرَكِبَ إِلَيْهِ الْبُرَاقَ حَتَّى جَاءَهُ، فَوَجَدَهُ عِنْدَ أُمِّهِ، فَأَخَذَ بِيَدِهِ وَمَضَى بِهِ إِلَى حَيْثُ أُمِرَ، حَتَّى انْتَهَى إِلَى مَنْحَرِ الْبُدْنِ الْيَوْمَ، فَقَالَ: يَا بُنَيَّ إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أَذْبَحَكَ.

قَالَ إِسْمَاعِيلُ: فَأَطِعْ رَبَّكَ فَإِنَّ فِي طَاعَةِ رَبِّكَ كُلَّ خَيْرٍ.

ثُمَّ قَالَ إِسْمَاعِيلُ: هَلْ عَلِمَتْ أُمِّي بِذَلِكَ؟ قَالَ: لا.

قَالَ: أَصَبْتَ، إِنِّي أَخَافُ أَنْ تَحْزَنَ، وَلَكِنْ إِذَا قَرَّبْتَ السِّكِّينَ مِنْ حَلْقِي فَأَعْرِضْ عَنِّي، فَإِنَّهُ أَحْرَى أَنْ تَصْبِرَ وَلا تَرَانِي.

فَفَعَلَ إِبْرَاهِيمُ، فَجَعَلَ يَحُزُّ فِي حَلْقِهِ فَإِذَا هُوَ يَحُزُّ فِي نُحَاسٍ مَا تَحِيكُ فِيهِ الشَّفْرَةُ، فَشَحَذَهَا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا بِالْحَجَرِ، كُلُّ ذَلِكَ لا يَسْتَطِيعُ، قَالَ إِبْرَاهِيمُ: إِنَّ هَذَا الأَمْرَ مِنَ اللَّهِ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَإِذَا هُوَ بِوَعْلٍ وَاقِفٍ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: قُمْ يَا بُنَيَّ فَقَدْ نَزَلَ فِدَاؤُكَ، فَذَبَحَهُ هُنَاكَ.

ومعنى الآية: جعلنا الذبح فداء له وخلصناه به من الذبح.

والذبح: ما ذبح، قال أكثر المفسرون: أنزل عليه كبش قد رعى في الجنة أربعين خريفا.

وقال الحسن: ما فدي إلا بتيس من الأروى، قد أهبط عليه من ثبير، فذبحه

<<  <  ج: ص:  >  >>