للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ} [الشورى: ١٢] لأن مفتاح الرزق بيده، {إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ} [الشورى: ١٢] من البسط والقدر، عليم.

{شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ {١٣} وَمَا تَفَرَّقُوا إِلا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ {١٤} فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ {١٥} } [الشورى: ١٣-١٥] .

شرع لكم بين لكم، وأوضح، {مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا} [الشورى: ١٣] يعني: التوحيد، والبراءة من الشرك، {وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ} [الشورى: ١٣] من القرآن، وشرائع الإسلام، وما وصينا وشرع لكم، {وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى} [الشورى: ١٣] ، ثم بين ما وصى به هؤلاء، فقال: {أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ} [الشورى: ١٣] قال مقاتل: يعني: التوحيد.

{وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ} [الشورى: ١٣] يقول: لا تختلفوا في التوحيد، وقال مجاهد: يعني: أنه شرع لكم، ولمن قبلكم من الأنبياء دينا واحدا.

{كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ} [الشورى: ١٣] قال ابن عباس: من توحيد الله تعالى، والإخلاص له وحده لا شريك له.

وقال مقاتل: عظم على مشركي مكة ما تدعوهم إليه من التوحيد، لأنهم قالوا: {أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} [ص: ٥] .

ثم خص أولياءه بقوله: {اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ} [الشورى: ١٣] يصطفي الله من عباده لدينه من يشاء، ويهدي إلى دينه، من ينيب من يقبل إلى طاعته، واتبع دينه.

ثم ذكر تفرقهم بعد الإيصاء بترك الفرقة، فقال: {وَمَا تَفَرَّقُوا إِلا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ} [الشورى: ١٤] أي: ما تفرقوا إلا عن علم بأن الفرقة ضلالة، ولكنهم فعلوا ذلك للبغي، وهو قوله: بغيا بينهم قال عطاء: بغيا منهم على محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

{وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ} [الشورى: ١٤] في تأخير المكذبين من هذه الأمة، {إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} [الشورى: ١٤] يعني: يوم القيامة، لقضي بينهم بين من آمن، وبين من كفر، يعني: لنزل العذاب بالمكذبين في

<<  <  ج: ص:  >  >>