شرع لكم بين لكم، وأوضح، {مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا}[الشورى: ١٣] يعني: التوحيد، والبراءة من الشرك، {وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ}[الشورى: ١٣] من القرآن، وشرائع الإسلام، وما وصينا وشرع لكم، {وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى}[الشورى: ١٣] ، ثم بين ما وصى به هؤلاء، فقال:{أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ}[الشورى: ١٣] قال مقاتل: يعني: التوحيد.
{وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ}[الشورى: ١٣] يقول: لا تختلفوا في التوحيد، وقال مجاهد: يعني: أنه شرع لكم، ولمن قبلكم من الأنبياء دينا واحدا.
{كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ}[الشورى: ١٣] قال ابن عباس: من توحيد الله تعالى، والإخلاص له وحده لا شريك له.
وقال مقاتل: عظم على مشركي مكة ما تدعوهم إليه من التوحيد، لأنهم قالوا:{أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ}[ص: ٥] .
ثم خص أولياءه بقوله:{اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ}[الشورى: ١٣] يصطفي الله من عباده لدينه من يشاء، ويهدي إلى دينه، من ينيب من يقبل إلى طاعته، واتبع دينه.
ثم ذكر تفرقهم بعد الإيصاء بترك الفرقة، فقال:{وَمَا تَفَرَّقُوا إِلا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ}[الشورى: ١٤] أي: ما تفرقوا إلا عن علم بأن الفرقة ضلالة، ولكنهم فعلوا ذلك للبغي، وهو قوله: بغيا بينهم قال عطاء: بغيا منهم على محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
{وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ}[الشورى: ١٤] في تأخير المكذبين من هذه الأمة، {إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى}[الشورى: ١٤] يعني: يوم القيامة، لقضي بينهم بين من آمن، وبين من كفر، يعني: لنزل العذاب بالمكذبين في