قوله:{وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ}[الشورى: ٣٩] الظلم والعدوان، هم ينتصرون ممن ظلمهم، قال عطاء: يعني المؤمنين الذين أخرجهم الكفار من مكة، وبغوا عليهم، ثم مكنهم الله في الأرض، حتى انتصروا ممن ظلمهم.
وقال ابن زيد: جعل الله المؤمنين صنفين: صنف يعفون عن ظالمهم، فبدأ بذكرهم، وهو قوله:{وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ}[الشورى: ٣٧] : وصنف ينتصرون من ظالمهم، وهم الذين ذكروا في هذه الآية.
ومن انتصر فأخذ بحقه، ولم يجاوز في ذلك ما حد الله تعالى له، فهو مطيع لله، ومن أطاع الله فهو محمود.
ثم ذكر حد الانتصار، فقال:{وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا}[الشورى: ٤٠] قال مقاتل: يعني القصاص في الجراحات والدماء.
وقال مجاهد، والسدي: هو جواب القبيح إذا قال: أخزاك الله، يقول: أخزاك الله من غير أن يعتدي.
ثم ذكر العفو، فقال: فمن عفا أي: عمن ظلمه، وأصلح بالعفو بينه وبين ظالمه، {فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ}[الشورى: ٤٠] ضمن الله تعالى له أجره بالعفو، وقال الحسن: إذا كان يوم القيامة، قام مناد، فنادى: من كان له على الله أجر فليقم، فلا يقوم إلا من عفا، ثم قرأ هذه الآية:{إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ}[الشورى: ٤٠] .
قال مقاتل: يعني من يبدأ بالظلم.
ثم ذكر المنتصر، فقال:{وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ}[الشورى: ٤١] بعد ظلم الظالم إياه، والمصدر ههنا مضاف إلى المفعول، كقوله:{مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ}[فصلت: ٤٩] ، وبسؤال نعجتك، فأولئك يعني: المنتصرين {مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ}[الشورى: ٤١] بعقوبة ومؤاخذة.
{إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ}[الشورى: ٤٢] قال