للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

استجيبوا لربكم أجيبوا داعي ربكم، يعني: محمدا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ} [الشورى: ٤٧] لا يقدر أحد على رده ودفعه، وهو يوم القيامة، {مَا لَكُمْ مِنْ مَلْجَأٍ يَوْمَئِذٍ} [الشورى: ٤٧] تلجئون إليه، {وَمَا لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ} [الشورى: ٤٧] إنكار وتغيير للعذاب.

قوله: فإن أعرضوا عن الإجابة، {فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا} [الشورى: ٤٨] تحفظ أعمالهم، وإنما أرسلناك داعيا ومبلغا، وهو قوله: {إِنْ عَلَيْكَ إِلا الْبَلاغُ} [الشورى: ٤٨] ما عليك إلا أن تبلغهم، {وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً} [الشورى: ٤٨] قال ابن عباس: يعني الغنى والصحة.

فرح بها يعني: الكافر، {وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ} [الشورى: ٤٨] يعني: قحط المطر، {بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ} [الشورى: ٤٨] من الكفر، {فَإِنَّ الإِنْسَانَ كَفُورٌ} [الشورى: ٤٨] أي: لما تقدم من نعمة الله عليه، ينسى ويجحد بأول شديدة جميع ما سلف من النعم.

{لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ {٤٩} أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ {٥٠} } [الشورى: ٤٩-٥٠] .

{لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ} [الشورى: ٤٩] له التصرف فيهما بما يريد، {يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا} [الشورى: ٤٩] يعني: البنات ليس فيهم ذكر، كما وهب للوط عليه السلام، لم يولد له إلا بنات، {وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ} [الشورى: ٤٩] يعني: البنين ليس معهم أنثى، كإبراهيم عليه السلام، لم يولد له إلا ذكور.

أو يزوجهم يعني: الإناث والذكور، يجعلهم أزواجا، وهو أن يولد للرجل ذكور وإناث، قال الحسن: يجمع لهم الإناث والذكران، كما جمع لمحمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

فإنه ولد له أربعة بنين وأربع بنات، {وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا} [الشورى: ٥٠] لا يولد له، كعيسى ويحيى عليهما السلام، والآية عامة، وهذه الأقسام موجودة في غير الأنبياء، وإنما ذكر الأنبياء تمثيلا، إنه عليم بما خلق، قدير على ما يشاء.

قوله: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ {٥١} وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ {٥٢} صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الأُمُورُ {٥٣} } [الشورى: ٥١-٥٣] .

{وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلا وَحْيًا} [الشورى: ٥١] يريد الوحي في المنام، أو الإلهام، كما كان الأنبياء

<<  <  ج: ص:  >  >>