للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قتادة: يخبر عن منزلته وشرفه، وفضله، أي: إن كذبتم به يأهل مكة، فإنه عندنا رفيع شريف، محكم من الباطل.

قوله: {أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا} [الزخرف: ٥] يقال: ضربت عنه، وأضربت عنه، أي: تركته، وأمسكت عنه، والصفح مصدر قولهم: صفحت، عند إذا أعرضت عنه، وذلك أنك توليه صفحة وجهك وعنقك، والمراد بالذكر ههنا القرآن، قال الكلبي: يقول الله لأهل مكة: أفنترك عنكم الوحي صفحا، فلا نأمركم ولا ننهاكم، ولا نرسل إليكم رسولا؟ وهذا استفهام معناه الإنكار، أي: لا نفعل ذلك، ومعنى الآية: أفنمسك عن إنزال القرآن ونهملكم، فلا نعرفكم ما يجب عليكم، من أجل أنكم أسرفتم في كفركم؟ وهو قوله: {أَنْ كُنْتُمْ قَوْمًا مُسْرِفِينَ} [الزخرف: ٥] والمعنى: لأن كنتم، والكسر في إن على أنه جزاء استغنى عن جوابه بما تقدمه، كما تقول: أنت ظالم إن فعلت كذا.

قال الفراء: ومثله {وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ} [المائدة: ٢] بالفتح والكسر، وقد تقدم.

ثم عزى نبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بقوله: {وَكَمْ أَرْسَلْنَا مِنْ نَبِيٍّ فِي الأَوَّلِينَ {٦} وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ نَبِيٍّ إِلا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ {٧} فَأَهْلَكْنَا أَشَدَّ مِنْهُمْ بَطْشًا وَمَضَى مَثَلُ الأَوَّلِينَ {٨} } [الزخرف: ٦-٨] .

{وَكَمْ أَرْسَلْنَا مِنْ نَبِيٍّ} [الزخرف: ٦] إلى قوله: {فَأَهْلَكْنَا أَشَدَّ مِنْهُمْ بَطْشًا} [الزخرف: ٨] أقوى من قومك، يعني: الأولين الذين أهلكوا بتكذيبهم الرسل، {وَمَضَى مَثَلُ الأَوَّلِينَ} [الزخرف: ٨] سبق فيما أنزلنا إليك تشبيه حال الكفار الماضية بحال هؤلاء في التكذيب، ولما أهلكوا أولئك بتكذيبهم، فعاقبة هؤلاء أيضا إلى هلاك.

{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ {٩} الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ مَهْدًا وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ {١٠} وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَنْشَرْنَا

<<  <  ج: ص:  >  >>