المنزلة، والقربة من الكرامة، وقوله: إناثا يعني قولهم: الملائكة بنات الله، قال الله تعالى: أشهدوا خلقهم من الشهادة التي هي بمعنى الحضور، وبخوا على ما قالوا ما لم يشاهدوا، مما يعلم بالمشاهدة، وقرأ نافع: أو أشهدوا خلقهم على أفعلوا من الإشهاد، وقبلها همزة الاستفهام، وتخفيف الهمزة الثانية على معنى: أحضروا خلقهم حتى علموا أنهم إناث؟ وهذا كقوله:{أَمْ خَلَقْنَا الْمَلائِكَةَ إِنَاثًا وَهُمْ شَاهِدُونَ}[الصافات: ١٥٠] ، قال ابن عباس: يريد: أحضروا أم عاينوا خلقهم؟ وقال الكلبي، ومقاتل: لما قالوا هذا القول، سألهم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال:«وما يدريكم أنهم إناث؟» قالوا: سمعنا من آبائنا، ونحن نشهد أنهم لم يكذبوا أنهم إناث.
فقال الله تعالى:{سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ}[الزخرف: ١٩] عنها في الآخرة.
{وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ}[الزخرف: ٢٠] يعني: بني مليح من خزاعة، كانوا يعبدون الملائكة، {وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ}[الزخرف: ٢٠] أي: بما قالوا من قولهم: الملائكة إناث، وهم بنات الله، أخبر الله تعالى أنهم لم يقولوا ذلك عن علم، وأنهم كذبوا في ذلك، وهو قوله:{إِنْ هُمْ إِلا يَخْرُصُونَ}[الزخرف: ٢٠] أي: ما هم إلا كاذبون فيما قالوا، ولم يتعرض لقولهم:{لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ}[الزخرف: ٢٠] بشيء، قال صاحب النظم: لأن هذا القول من الكفار حق، وإن كان من الكفار.
وإن جعلت قوله:{مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ}[الزخرف: ٢٠] ردا لقولهم: {لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ}[الزخرف: ٢٠] كان المعنى: أنهم قالوا: إن الله قررنا على عبادتها، فلا يعاقبنا، لأنه رضي بذلك منا.
وهذا كذب منهم، لأن الله تعالى وإن أراد كفر الكافر لا يرضاه، وتقريره الكافر على كفره، لا يكون