الشَّفَاعَةَ} [الزخرف: ٨٦] ، ثم استثنى عيسى وعزيرا والملائكة، فقال:{إِلا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ}[الزخرف: ٨٦] قال قتادة: إنهم عبدوا من دون الله، ولهم عند الله شفاعة ومنزلة.
ومعنى شهد بالحق: شهد أنه لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وهم يعلمون بقلوبهم ما شهدوا به بألسنتهم، وفي هذا دليل على أنه لا يتحقق إيمان، وشهادة حتى يكون ذلك عن علم بالقلب، لأن الله تعالى، شرط مع الشهادة العلم، وقد قال أصحابنا: إن شرط الإيمان طمأنينة القلب على ما اعتقده، بحيث لا يتشكك إذا شكك، ولا يضطرب إذا حرك.
{وَقِيلِهِ يَا رَبِّ إِنَّ هَؤُلاءِ قَوْمٌ لا يُؤْمِنُونَ}[الزخرف: ٨٨] قال قتادة: هذا نبيكم يشكو قومه إلى ربه.
وقال ابن عباس: شكا إلى ربه تخلف قومه عن الإيمان، قال: وتقدير الآية: أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم وقيله يا رب.
قال المبرد: العطف على المنصوب حسن، وإن تباعد المعطوف من المعطوف عليه.
ومن قرأ بكسر اللام فعلى معنى: وعندهم علم الساعة وعلم قِيله يَا رَبِّ، والقيل: مصدر كالقول، قال أبو عبيد: يقال: قلت قولًا، وقيلًا، وقالا.
{فَاصْفَحْ عَنْهُمْ}[الزخرف: ٨٩] أعرض عنهم، وقل سلام قال عطاء: يريد مداراة حتى ينزل حكمي فيهم، ومعناه: المتاركة، كقوله:{سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ}[القصص: ٥٥] .
فسوف يعلمون عاقبة كفرهم، وهذا تهديد، ومن قرأ بالتاء فعلى الأمر للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ علم بأن يخاطبهم بهذا، قال مقاتل: نسخ السيف الإعراض والسلام.