واذكر يا محمد، لقومك أهل مكة، أخا عاد هودًا، {إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ}[الأحقاف: ٢١] حذرهم عذاب الله إن لم يؤمنوا به، بالأحقاف وهي: جمع حقف، وهو المستطيل المعوج من الرمال، قال عطاء: يعني: رمال بلاد الشحر.
وقال مقاتل: هي باليمن في حضرموت.
{وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ}[الأحقاف: ٢١] وقد مضت الرسل، من قبل هود ومن بعده، إلى قومهم {أَلَّا تَعْبُدُوا إِلا اللَّهَ}[الأحقاف: ٢١] أي: لم أبعث رسولًا قبل هود، ولا بعده إلا بالأمر بعبادة الله وحده، وهذا كلام اعترض بين إنذار هود، وكلامه لقومه، ثم عاد إلى كلام هود لقومه، بقوله:{إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ}[الأحقاف: ٢١] وتقدير الكلام: إذ أنذر قومه بالأحقاف، فقال: إني أخاف، الآية.
فقالوا له:{أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آلِهَتِنَا}[الأحقاف: ٢٢] لتصرفنا عن عبادتها بالإفك، {فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا}[الأحقاف: ٢٢] من العذاب، {إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ}[الأحقاف: ٢٢] أن العذاب نازل بنا.
قال هود:{إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ}[الأحقاف: ٢٣] هو يعلم متى يأتيكم العذاب؟ {وَأُبَلِّغُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ}[الأحقاف: ٢٣] من الوحي والإنذار، يعني: أنا مبلغ، والعلم بوقت العذاب عند الله، {وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ}[الأحقاف: ٢٣] حين أدلكم على الرشاد، وأنتم تصدون، وتعرضون عنه.
قوله: فلما رأوه أي: ما يوعدون في قوله: بما تعدنا، عارضًا سحابًا يعرض في ناحية من السماء، ثم يطبق السماء، مستقبل أوديتهم قال المفسرون: كانت عاد قد حبس عنهم المطر أيامًا، فساق الله تعالى إليهم سحابة سوداء، فخرجت عليهم من واد لهم يقال له: المغيث، {فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ}[الأحقاف: ٢٤] استبشروا، {قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا}[الأحقاف: ٢٤] غيم فيه مطر، فقال هود:{بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ}[الأحقاف: ٢٤] ثم بين ما هو، فقال:{رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ}[الأحقاف: ٢٤] والريح التي عذبوا بها نشأت من ذلك السحاب.