وقوله تعالى:{وَلا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ}[الأحقاف: ٣٥] أي: العذاب، وكأنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضجر بعض الضجر، وأحب أن ينزل العذاب بمن أبى من قومه، فأمر بالصبر، وترك الاستعجال، ثم أخبر أن العذاب منهم قريب بقوله:{كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ}[الأحقاف: ٣٥] أي: من العذاب في الآخرة، لم يلبثوا في الدنيا، {إِلا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ}[الأحقاف: ٣٥] أي: إذا عاينوا العذاب، صار طول لبثهم في الدنيا، والبرزخ كأنه ساعة من نهار، لأن ما مضى كأنه لم يكن وإن كان طويلًا، وتم الكلام، ثم قال: بلاغ أي: هذا القرآن، وما فيه من البيان، بلاغ عن الله إليكم، والبلاغ بمعنى: التبليغ، {فَهَلْ يُهْلَكُ إِلا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ}[الأحقاف: ٣٥] أي: لا يقع العذاب إلا بالعاصين، الخارجين عن أمر الله، وقال قتادة: اعلموا، والله ما يهلك على الله إلا هالك مشرك ولى ظهره للإسلام، أو منافق صدق بلسانه وخالف بعمله.
وقال الزجاج: تأويله لا يهلك مع رحمة الله وتفضله، إلا القوم الفاسقون.
ولهذا قال قوم: ما في الرجاء لرحمة الله تعالى آية أقوى، وأتم من هذه الآية.