{فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا}[محمد: ٤] أي: في القتال، فضرب الرقاب أي: فاضربوا رقابهم، والمعنى: اقتلوهم، لأنه أكثر مواضع القتل ضرب العنق، فإن ضربه على مقتل آخر كان كما لو ضرب عنقه، لأن القصد قتله، {حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ}[محمد: ٤] بالغتم في قتلهم، وأكثرتم القتل، فشدوا الوثاق يعني: في الأسر، والأسر يكون بعد المبالغة في القتل، كما قال:{مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ}[الأنفال: ٦٧] ، والوثاق اسم من الإيثاق، يقال: أوثقه إيثاقًا ووثاقًا إذا شد أسره، كيلا يفلت، {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً}[محمد: ٤] أي: بعد أن تأسروهم، إما مننتم عليهم منًا فأطلقتموهم بغير عوض، وإما أن تفدوا فداء، قال الوالبي، عن ابن عباس: لما كثر المسلمون، واشتد سلطانهم، أنزل الله على نبيه في الأسارى:{فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً}[محمد: ٤] فجعل الله النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والمؤمنين بالخيار في الأسارى: إن شاءوا قتلوهم، وإن شاءوا استعبدوهم، وإن شاءوا فادوهم.
ويجوز الإطلاق بغير فداء، لقوله تعالى:{فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ}[محمد: ٤] والإمام يتخير في الأسارى البالغين من الكفار بين هذه الخلال الأربع: من القتل، والاسترقاق، والفداء، والمن وذهب جماعة من المفسرين إلى نسخ المن والفداء بالقتل، لقوله:{فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ}[التوبة: ٥] ، وقوله:{فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ}[الأنفال: ٥٧] الآية، وهو قول قتادة، ومجاهد، والحسن، والسدي.