للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى} [الفتح: ٢٨] مفسر في { [براءة،] وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا} [سورة الفتح: ٢٨] أي: على ما أرسل.

قوله: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} [الفتح: ٢٩] .

{مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ} [الفتح: ٢٩] قال ابن عباس: شهد له بالرسالة.

والذين معه قال: يعني: أهل الحديبية.

وقال مقاتل: والذين آمنوا معه من المؤمنين.

{أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ} [الفتح: ٢٩] غلاظ عليهم، كالأسد على فريسته، رحماء بينهم متوادون ببعضهم لبعض، كالولد لوالده، والعبد لسيده، كقوله تعالى: {أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ} [المائدة: ٥٤] ، {تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا} [الفتح: ٢٩] إخبار عن كثرة صلاتهم، ومداومتهم عليها، {يَبْتَغُونَ فَضْلا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا} [الفتح: ٢٩] يعني: الجنة، ورضا الله، {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ} [الفتح: ٢٩] لكثرة صلاتهم بالليل، يتبين في وجوههم أثر السهر، قال الضحاك: إذا سهر الرجل أصبح مصفرًا.

وقال عطية: مواضع السجود أشد وجوههم بياضًا يوم القيامة.

وهذا قول الزهري، وقال مجاهد: هو الخشوع والتواضع.

وهو قول ابن عباس، في رواية الوالبي، قال: الهدى والسمت الحسن.

المعنى: أن السجود أورثهم ذلك الخشوع، والسمت الحسن الذي يعرفون به، وقال عكرمة: هو التراب على الجباه.

قال أبو العالية: لأنهم يسجدون على الترب، لا على الأثواب.

{ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ} [الفتح: ٢٩] يعني: ما ذكر من وصفهم هو ما وصفوا به في التوراة أيضًا، ثم ذكر نعتهم في الإنجيل، فقال: {وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ} [الفتح: ٢٩] أي: فراخه، وجمعه أشطاء، يقال: أشطأ الزرع إذا فرخ، والشطأ والشطأ لغتان، كالنهر والنهر، فآزره ستره، وأعانه، وقواه، قال المبرد: يعني: أن هذه الأفرخ لحقت الأمهات حتى صارت مثلها.

<<  <  ج: ص:  >  >>