{وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ} [الذاريات: ٧] ذات الخلق الحسن المستوي، هذا قول الأكثرين، وروى معمر، عن قتادة: ذات الخلق الشديد.
وقال مقاتل، والكلبي: ذات الطرائق، كحبك الماء إذا ضربته الريح، وحبك الرمل، والشعر، الجعد.
ولكنا لا نرى تلك الحبك، لبعدها عنا.
ثم ذكر جواب القسم، فقال: إنكم يا أهل مكة: {لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ} [الذاريات: ٨] في محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعضكم يقول: شاعر، وبعضكم يقول: مجنون.
وفي القرآن تقولون: إنه سحر، وكهانة، ورجز، وما سطره الأولون.
{يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ} [الذاريات: ٩] يصرف عن الإيمان به من صرف، حتى يكذب به، يعني: من حرمه الله تعالى الإيمان بمحمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والقرآن.
قوله: قتل الخراصون قالوا جميعًا: لعن الكذابون.
قال ابن الأنباري: والقتل إذا أخبر عن الله به كان بمعنى اللعنة، لأن من لعنه الله كان بمنزلة المقتول الهالك.
وقال الزجاج: الخراصون هم الكذابون، يقال: قد تخرص على فلان الباطل.
قال الفراء: هم الذين، قالوا: محمد شاعر كذاب، مجنون، ساحر، خرصوا ما لا علم لهم به.
{الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ} [الذاريات: ١١] غفلة وعمي، وجهالة عن أمر الآخرة، ساهون لاهون غافلون، والسهو: الغفلة عن الشيء، وذهاب القلب عنه.
{يَسْأَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ} [الذاريات: ١٢] يقولون: يا محمد متى يوم الجزاء؟ تكذيبًا منهم، واستهزاء.
ثم أخبر عن ذلك اليوم، فقال: {يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ} [الذاريات: ١٣] يحرقون، ويعذبون بها، قال عكرمة: ألم تر أن الذهب إذا أدخل في النار، قيل: فتن؟ وتقول لهم خزنة النار: ذوقوا فتنتكم حريقكم، وعذابكم.
{هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ} [الذاريات: ١٤] في الدنيا تكذيبًا به.
ثم أعلم ما لأهل الجنة عنده، فقال: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ {١٥} آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ {١٦} كَانُوا قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ {١٧} وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ {١٨} وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ {١٩} وَفِي الأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ {٢٠} وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ {٢١} وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ {٢٢} فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ {٢٣} } [الذاريات: ١٥-٢٣] .