{وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ}[الرحمن: ٦٢] أي: من دون الأوليين في الفضل، روى أبو موسى، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال:«جنتان من فضة آنيتهما وما فيهما، وجنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما» .
ثم نعتهما، فقال: مدهامتان قال أبو عبيدة، والزجاج: من خضرتهما قد اسودتا من الري وكل نبت أخضر، فتمام خضرته من الري أن يضرب إلى السواد، يقال: ادهام الزرع إذا علاه السواد ريًا ادهيمامًا فهو مدهام.
{فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ}[الرحمن: ٦٦] فوارتان، والنضخ: فوران الماء من العين، قال ابن عباس: تنضخ على أولياء الله بالمسك، والعنبر، والكافور.
قوله:{فِيهِمَا فَاكِهَةٌ}[الرحمن: ٦٨] يعني: ألوان الفاكهة، {وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ}[الرحمن: ٦٨] حكى الزجاج، عن يونس النحوي، قال: وهو مثل الخليل في القدم والحذق: أن الرمان والنخل من أفضل الفاكهة، وإنما فُصِلا بالواو لفضلهما، واستشهد بقوله:{وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ}[البقرة: ٩٨] قال: فصلا بالواو لفضلهما.
قال الأزهري: ما علمت أحدًا من العرب، قال في النخيل، والكروم وثمارها إنها ليست من الفاكهة، وإنما قال من قال ذلك، لقلة علمه بكلام العرب، وعلم اللغة، وتأويل القرآن العربي المبين، والعرب تذكر أشياء جملة، ثم تخص شيئًا منها بالتسمية، تنبيها على فضل فيه، قال الله عز وجل:{مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ}[البقرة: ٩٨] إلى قوله: وميكال فمن قال: إنهما ليسا من الملائكة لإفراد الله إياهما بالتسمية، فهو كافر، ومن قال ثمر النخل والرمان ليسا من الفاكهة لإفراد الله إياهما بالتسمية بعد ذكر الفاكهة، فهو جاهل.
هذا كلام الأزهري.
قوله: فيهن يعني: في الجنان الأربع، خيرات جمع خيرة، قال المفسرون: خيرات الأخلاق حسان الوجوه.