للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ {٤٥} وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ {٤٦} وَكَانُوا يَقُولُونَ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ {٤٧} أَوَ آبَاؤُنَا الأَوَّلُونَ {٤٨} قُلْ إِنَّ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ {٤٩} لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ {٥٠} ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ {٥١} لآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ {٥٢} فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ {٥٣} فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ {٥٤} فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ {٥٥} هَذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ {٥٦} } [الواقعة: ٤١-٥٦] .

{وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ {٤١} فِي سَمُومٍ} [الواقعة: ٤١-٤٢] أي: في حر النار، {وَحَمِيمٍ} [الواقعة: ٤٢] ماء حار يغلي.

{وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ} [الواقعة: ٤٣] من دخان جهنم، واليحموم: يفعول من الأحم وهو الأسود، والعرب تقول: أسود يحموم، إذا كان شديد السواد.

ثم نعت ذلك الظل، فقال: {لا بَارِدٍ وَلا كَرِيمٍ} [الواقعة: ٤٤] قال ابن عباس: يريد: لا بارد المدخل، ولا كريم المنظر.

قال الفراء: العرب تجعل الكريم تابعًا لكل شيء نعت عنه وصفًا ينوي به الذم، تقول: ما هو بسمين ولا كريم، وما هذه الدار بواسعة ولا كريمة.

ثم ذكر أعمالهم التي أوجبت لهم هذا، فقال: {إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ} [الواقعة: ٤٥] كانوا في الدنيا منعمين، متكبرين في ترك أمر الله.

{وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ} [الواقعة: ٤٦] الحنث: الذنب الكبير.

قال أهل التفسير: عنى به الشرك، أي: كانوا لا يتوبون عن الشرك.

وقال الشعبي: {الْحِنْثِ الْعَظِيمِ} [الواقعة: ٤٦] : اليمين الغموس.

ومعنى هذا: أنهم كانوا يحلفون أنهم لا يبعثون، وكذبوا في ذلك، فهذا إصرارهم على الحنث العظيم، ويدل على هذا قوله: {وَكَانُوا يَقُولُونَ أَئِذَا مِتْنَا} [الواقعة: ٤٧] الآية وما بعد هذا ظاهر إلى قوله: {فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ} [الواقعة: ٥٥] وقرئ بضم الشين، قال المبرد: الفتح على أصل المصدر، والضم اسم للمصدر، والمعنى فيهما واحد، تقول: شغله شغلًا والاسم الشغل، وضعف ضعفًا والاسم الضعف.

والهيم الإبل العطاش، وقال ابن عباس: هي التي بها الهيام لا تروى.

وقال مقاتل: يلقى على أهل النار العطش، فيشربون كشرب الهيم.

هذا نزلهم يعني: ما ذكر من الزقوم، والشراب غذاؤهم، يوم الدين يوم يجازون بأعمالهم.

ثم احتج عليهم في البعث، بقوله تعالى: {نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْلا تُصَدِّقُونَ {٥٧} أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ {٥٨} أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ {٥٩} نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>