فلا أقسم لا زائدة، والمعنى: فأقسم، ويجوز أن تكون ردًا لما يقوله الكفار في القرآن، من أنه سحر، وشعر، وكهانة، ثم استأنف القسم على أنه قرآن كريم، وقوله: بمواقع النجوم قال ابن عباس: أقسم بنزول القرآن، نزل متفرقًا قطعًا نجومًا.
وقال جماعة من المفسرين: يريد: مغارب النجوم ومساقطها.
وقرئ بموقع النجوم على واحد، وقال المبرد: موقع ههنا مصدر، فهو يصلح للواحد والجمع.
ثم أخبر عن عظم هذا القسم، فقال:{وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ}[الواقعة: ٧٦] قال الفراء، والزجاج: هذا يدل على أن المراد بمواقع النجوم نزول القرآن.
والضمير في: إنه يعود على القسم، ودل عليه أقسم، والمعنى: وإن القسم بمواقع النجوم لقسم عظيم لو تعلمون.
ثم ذكر المقسم عليه، بقوله:{إِنَّهُ لَقُرْءَانٌ كَرِيمٌ}[الواقعة: ٧٧] قال مقاتل: كرمه الله وأعزه، لأنه كلامه.
وقال أهل المعاني: القرآن الكريم الذي من شأنه أن يعطي الخير الكثير بالدلائل التي تؤدي إلى الحق في الدين.
وقال الأزهري: الكريم: اسم جامع لما يحمد، والقرآن الكريم يحمد لما فيه من الهدى، والبيان، والعلم، والحكمة.
{فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ}[الواقعة: ٧٨] مستور من خلقه عند الله، في اللوح المحفوظ.
{لا يَمَسُّهُ إِلا الْمُطَهَّرُونَ}[الواقعة: ٧٩] أكثر المفسرين على أن الكناية في قوله: لا يمسه تعود إلى الكتاب المكنون، والمطهرون هم الملائكة، قال المبرد: لا يمس ذلك اللوح المحفوظ إلا الملائكة، الذين وصفوا بالطهارة.
ومذهب قوم: أن الضمير يعود إلى القرآن، والمراد به: المصحف، كما روي في الحديث:«نهى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو» ، يعني به: المصحف، والمراد بقوله: المطهرون أي: من الأحداث والجنايات، وقالوا: لا يجوز للمحدث، والحائض، والجنب مس المصحف.
وهذا قول محمد بن علي، وعطاء، وطاوس، وسالم، والقاسم، ومذهب مالك، والشافعي.