للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القصد، لأن القاصد إلى الشيء جاد، وقال أبو عبيدة، والمبرد، والقتيبي: غدوا من بيتهم إلى جنتهم على منع المساكين.

وقال الشعبي، وسفيان: على حنق، وغضب على المساكين.

قادرين عند أنفسهم على جنتهم وثمارهم، لا يحول بينهم وبينها آفة.

{فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ} [القلم: ٢٦] لما رأوا الجنة محترفة، قالوا: إنا قد ضللنا طريق جنتنا.

أي: ليست هذه.

ثم علموا أنها عقوبة، فقالوا: {بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ} [القلم: ٢٧] أي: حرمنا ثمر جنتنا بمنعنا المساكين.

قال أوسطهم أعدلهم، وأفضلهم، {أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلا تُسَبِّحُونَ} [القلم: ٢٨] هلا تستثنون، فتقولون: إن شاء الله؟ أنكر عليهم ترك الاستثناء في قوله: {أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ {١٧} وَلا يَسْتَثْنُونَ {١٨} } [القلم: ١٧-١٨] وسمى الاستثناء تسبيحًا، لأنه تعظيم الله، وإقرار بأنه لا يقدر أحد أن يفعل شيئًا إلا بمشيئة الله تعالى.

{قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا} [القلم: ٢٩] نزهوه عن أن يكون ظالمًا فيما صنع، وأقروا على أنفسهم بالظلم، فقالوا: {إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ} [القلم: ٢٩] بمنعنا المساكين.

{فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلاوَمُونَ} [القلم: ٣٠] يلوم بعضهم بعضًا في منع المساكين حقوقهم.

ثم نادوا على أنفسهم بالويل، فقالوا: {يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ} [القلم: ٣١] حين لم نصنع ما صنع آباؤنا من قبل.

ثم رجعوا إلى الله، وسألوه أن يبدلهم بها خيرًا منها، وهو قوله: {عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِنْهَا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ} [القلم: ٣٢] .

قال الله: {كَذَلِكَ الْعَذَابُ} [القلم: ٣٣] يعني: كما ذكر من إحراقها بالنار، وتمت قصة أصحاب الجنة، ثم قال: {وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} [القلم: ٣٣] يعني: المشركين.

ثم أخبر بما عنده للمتقين، فقال: {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ {٣٤} أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ {٣٥} مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ {٣٦} أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ {٣٧} إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ {٣٨} أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ {٣٩} سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذَلِكَ زَعِيمٌ {٤٠} أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكَائِهِمْ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ {٤١} } [القلم: ٣٤-٤١] .

{إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ} [القلم: ٣٤] قال المشركون: إنا نعطى في الآخرة أفضل مما يعطون.

فقال الله تعالى، مكذبًا لهم: {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ {٣٥} مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ {٣٦} } [القلم: ٣٥-٣٦] إذ حكمتم أن لكم ما للمسلمين.

{أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ} [القلم: ٣٧] تقرءون.

إن لكم في ذلك الكتاب، لما تخيرون تختارون.

{أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةٌ} [القلم: ٣٩] يقول: ألكم عهود على الله بالغة؟ {إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} [القلم: ٣٩] أي: مؤكدة، وكل شيء مُتَنَاهٍ في الجودة والصحة فهو: بالغ، ويجوز أن يكون المعنى: بالغة إلى يوم القيامة، أي: تبلغ تلك الأيمان إلى يوم القيامة في لزومها، وتأكدها، {إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ} [القلم: ٣٩] لأنفسكم به من الخير والكرامة عند الله.

ثم قال لنبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذَلِكَ زَعِيمٌ} [القلم: ٤٠] أيهم كفيل لهم، بأن لهم في الآخرة ما للمسلمين؟ {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ} [القلم: ٤١] يعني: الأصنام التي جعلوها شركاء لله، والمعنى: أم عندهم لله شركاء؟ فليأتوا بهؤلاء الشركاء، {إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ} [القلم: ٤١] في أنها شركاء لله.

قوله:

<<  <  ج: ص:  >  >>