{وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ}[الجن: ١١] المؤمنون، المخلصون، {وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ}[الجن: ١١] دون الصالحين، {كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا}[الجن: ١١] جماعات متفرقين، وأصنافًا مختلفة، والقدة: القطعة من الشيء، وصار القوم قددًا إذا تفرقت حالاتهم، قال مجاهد: يعنون: مسلمين وكافرين.
وقال الحسن: الجن أمثالكم، فمنهم قدرية، ومنهم مرجئة، ورافضة، وشيعة.
وأنا ظننا علمنا وأيقنا، {أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللَّهَ فِي الأَرْضِ}[الجن: ١٢] لن نفوته إذا أراد بنا أمرًا، {وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَبًا}[الجن: ١٢] أي: أنه يدركنا حيث كنا.
{وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَى}[الجن: ١٣] القرآن، وما أتى به محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، آمنا به صدقنا أنه من عند الله، {فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخَافُ بَخْسًا}[الجن: ١٣] نقصانًا من عمله وثوابه، ولا رهقًا ولا مكروهًا يغشاه.
{وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ}[الجن: ١٤] وهم الذين آمنوا بالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ومنا القاسطون الجائرون الظالمون، قال ابن عباس: هم الذين جعلوا لله ندًا.
{فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا}[الجن: ١٤] قصدوا طريق الحق، وقال الفراء: أموا الهدى.
وأما القاسطون الذين عدلوا، وكفروا بربهم، {فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا}[الجن: ١٥] وكانوا وقودًا للنار في الآخرة.
ثم رجع إلى كفار مكة، فقال: وأن لو استقاموا على الطريقة.
لو آمنوا، واستقاموا على الهدى، {لأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا}[الجن: ١٦] كثيرًا، قال مقاتل: ماء كثيرًا من السماء، وذلك بعد ما رفع عنهم المطر سبع سنين.