للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يقول: الأرض كلها مخلوقة لله، فلا يسجدوا عليها لغير خالقها.

وقوله: {وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ} [الجن: ١٩] يعني: النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في قول الجميع، وذلك حين كان يصلي ببطن نخلة، ويقرأ القرآن، يدعوه أي: يعبده، {كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا} [الجن: ١٩] كادوا يركبونه حرصًا على القرآن، وحبًا لاستماعه، قال الزجاج: ومعنى لبدًا: يركب بعضهم بعضًا.

ومن هذا اشتقاق هذه اللبود التي تفرش، ومن قرأ: لبدًا بضم اللام، فهو بمعنى: الكثير، من قوله تعالى: {أَهْلَكْتُ مَالا لُبَدًا} [البلد: ٦] ، وإنما قيل للكثير لبدا لركوب بعضه بعضًا.

{قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي} [الجن: ٢٠] قال مقاتل: إن كفار مكة، قالوا للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إنك جئت بأمر عظيم لم نسمع بمثله، فارجع عنه.

فأنزل الله عز وجل: {قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي} [الجن: ٢٠] ومن قرأ قال حمل هذا على أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أجابهم بهذا، فقال: {إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا {٢٠} قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا} [الجن: ٢٠-٢١] لا أقدر أن أدفع عنكم ضرًا، ولا أسوق إليكم رشدًا، أي: خيرًا، يعني: أن الله يملك ذلك لا أنا.

{قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ} [الجن: ٢٢] إن عصيته لم يمنعني منه أحد، وذلك أنهم قالوا: اترك ما تدعو إليه، ونحن نجيرك.

{وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا} [الجن: ٢٢] ملجأ وحرزًا، والملتحد معناه في اللغة: فمال، والمعنى: موضعًا أميل إليه في الالتجاء.

{إِلا بَلاغًا مِنَ اللَّهِ وَرِسَالاتِهِ} [الجن: ٢٣] أي: لا ينجيني إلا أن أبلغ عن الله ما أرسلت به، قال مقاتل: ذلك الذي يجيرني من عذابه.

يعني: التبليغ، {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [الجن: ٢٣] في التوحيد، فلم يؤمن، {فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا {٢٣} حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ} [الجن: ٢٣-٢٤] يعني: من العذاب

<<  <  ج: ص:  >  >>