للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كالتشاح على الشيء والتنازع فيه، بأن يحب كل واحد أن ينفرد به دون صاحبه.

ومزاجه أي: ما يمزج به ذلك الشراب، من تسنيم وهو اسم عين في الجنة.

أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر الزاهد، أنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الله الأصبهاني، أنا محمد بن إسحاق الثقفي، نا قتيبة، نا جرير، عن الأعمش، عن عبد الله بن مرة، عن مسروق في قوله عز وجل: {وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ} [المطففين: ٢٧] قال: عين في الجنة، يشربها المقربون صرفًا، ويمزج منها كأس أصحاب اليمين فتطيب.

وروى ميمون بن مهران، أن ابن عباس سئل عن قوله: {تَسْنِيمٍ} [المطففين: ٢٧] فقال: هذا مما يقول الله تعالى: {فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ} [السجدة: ١٧] .

ونحو هذا قال الحسن: خفايا أخفاها الله لأهل الجنة.

ثم فسره، فقال: {عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ} [المطففين: ٢٨] أي: يشربها، كقوله: {يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ} [الإنسان: ٦] وقد مر، قال عبد الله: يشربها المقربون صرفًا، وتمزج لأصحاب اليمين.

{إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ {٢٩} وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ {٣٠} وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ {٣١} وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلاءِ لَضَالُّونَ {٣٢} وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ {٣٣} فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ {٣٤} عَلَى الأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ {٣٥} هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ {٣٦} } [المطففين: ٢٩-٣٦] .

{إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا} [المطففين: ٢٩] يعني: كفار قريش، {كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا} [المطففين: ٢٩] يعني: أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مثل عمار، وخباب، وبلال، وغيرهم، يضحكون على وجه السخرية منهم.

{وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ} [المطففين: ٣٠] يعني: المؤمنين مروا بالكفار، يتغامزون من الغمز وهو الإشارة بالجفن والحاجب، أي: يشيرون إليهم بالأعين استهزاء.

وإذا انقلبوا يعني: الكفار، {إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ} [المطففين: ٣١] معجبين بما هم فيه يتفكهون بذكرهم.

وإذا رأوهم رأوا أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، {قَالُوا إِنَّ هَؤُلاءِ لَضَالُّونَ} [المطففين: ٣٢] قال الله تعالى: وما أرسلوا يعني: الكفار، عليهم يعني: على الذين آمنوا، حافظين يحفظون أعمالهم عليهم، أي: لم يوكلوا بحفظ أعمالهم.

فاليوم يعني: في الآخرة، {الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ} [المطففين: ٣٤] قال المفسرون: إن أهل الجنة إذا أرادوا نظروا من منازلهم إلى أعداء الله وهم يعذبون في النار، فيضحكوا منهم، كما ضحكوا هم في

<<  <  ج: ص:  >  >>