وقال نافع: كان ابن عمر إذا صلى الغداة، قال: يا نافع أخرجت الصدقة؟ فإن قلت: نعم، مضى إلى المصلى، وإن قلت: لا، قال: فالآن فأخرج، فإنما نزلت هذه الآية:{قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى {١٤} وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى {١٥} } [الأعلى: ١٤-١٥] في هذه الصدقة.
قوله:{بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا}[الأعلى: ١٦] قرأه العامة بالتاء، لما روي أن في حرف أبي: بل أنتم تؤثرون، قال الكلبي: تؤثرون عمل الدنيا على عمل الآخرة.
وقال ابن مسعود: إن الدنيا أحضرت لنا، وعجل طعامها، وشرابها، ونساؤها، ولذتها، وبهجتها، وإن الآخرة زويت عنا، فأخذنا بالعاجل وتركنا الآجل.
وقرأ أبو عمرو يؤثرون بالياء، وقال: يعني الأشقين الذين ذكروا في قوله: {وَيَتَجَنَّبُهَا الأَشْقَى}[الأعلى: ١١] .
ثم رغب في الآخرة، فقال:{وَالآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى}[الأعلى: ١٧] أي: والدار الآخرة، يعني: الجنة، خير أفضل، وأبقى وأدوم من الدنيا.
إن هذا يعني: ما ذكر من عند قوله: قد أفلح أربع آيات، لفي الكتب، الأولى التي أنزلت قبل القرآن، ذكر فيها فلاح المتزكي والمصلى، وإيثار الخلق الدنيا على الآخرة، وأن الآخرة خير، قال ابن قتيبة: لم يرد الألفاظ بعينها، وإنما أراد أن الفلاح لمن تزكى، وذكر اسم الله فصلى، في {الصُّحُفِ الأُولَى}[الأعلى: ١٨] كما هو في القرآن.
ثم بين أن الصحف الأولى ما هي، فقال:{صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى}[الأعلى: ١٩] يعني: كتبًا أنزلت على إبراهيم، وتوراة موسى، وقال عكرمة: هذه السورة في صحف إبراهيم وموسى.
وقال السدي: نزلت هذه السورة كلها على موسى، وعلى إبراهيم.