والمعنى: ألم يجدك يتيمًا صغيرًا حين مات أبواك، ولم يخلفا لك مالًا، ولا مأوى، فضمك إلى عمك أبي طالب، حتى أحسن تربيتك؟ ثم ذكر نعمة أخرى، فقال:{وَوَجَدَكَ ضَالا فَهَدَى}[الضحى: ٧] قال أكثر المفسرين: {وَوَجَدَكَ ضَالا}[الضحى: ٧] عن معالم النبوة، وأحكام الشريعة، غافلًا عنها، فهداك إليها.
دليله قوله تعالى:{وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ}[يوسف: ٣] ، وقوله:{مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ}[الشورى: ٥٢] وهذا القول هو اختيار الزجاج، قال: معناه: أنه لم يكن يدري القرآن، ولا الشرائع، فهداه الله إلى القرآن، وشرائع الإسلام.
{وَوَجَدَكَ عَائِلا فَأَغْنَى}[الضحى: ٨] أي: فقيرًا لا مال لك، فأغناك الله بمال خديجة، عن أبي طالب، وقال الكلبي: رضاك بما أعطاك من الرزق.
واختاره الفراء، فقال: لم يكن غنى عن كثرة المال، ولكن الله رضاه بما آتاه.
وذلك حقيقة الغنى.
ثم أوصاه باليتامى والفقراء، فقال:{فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ}[الضحى: ٩] قال مجاهد: لاتحقر اليتيم، فقد كنت يتيمًا.
وقال الفراء، والزجاج: لا تقهره على ماله، فتذهب بحقه لضعفه.
وكذا كانت العرب تفعل في أمر اليتامى: تأخذ أموالهم، وتظلمهم حقوقهم، وكان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يحسن إلى اليتيم ويبره، ويوصي باليتامى.
١٣٨٠ - أَخْبَرَنَا الْفُضَيْلُ بْنُ أَحْمَدَ، نا أَبُو عَلِيٍّ الْفَقِيهُ، أنا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُصْعَبٍ، نا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ، نا عِيسَى بْنُ يُونُسَ،