وهذا قول الحسن، ومجاهد وقتادة فِي تفسير «العالم» أنه جميع المخلوقات.
قوله:{مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}[الفاتحة: ٤] المالك: الفاعل من الملك، يقال: ملك الشيء يملكه ملكا وملكا ومملكة.
ويقرأ هذا الحرف بوجهين: مالك وملك، فمن قرأ ملك قال: الملك أشمل وأتم، لأنه يكون مالك ولا ملك له، ولا يكون ملك إلا وله ملك، فكل ملك مالك، وليس كل مالك ملكا.
ويقوي هذه القراءة قوله تعالى:{فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ}[طه: ١١٤] وقوله: {الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ}[الحشر: ٢٣] وقوله: {لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ}[غافر: ١٦] ، ولم يقل: المالك.
ومن قرأ مالك فلأنه أجمع وأوسع، لأنه يقال: مالك الطير والدواب والوحوش وكل شيء، ولا يقال: ملك كل شيء.
إنما يقال: ملك الناس.
ولا يكون مالك الشيء إلا وهو يملكه، وقد يكون ملك الشيء وهو لا يملكه كقولهم: ملك العرب والعجم.
والدين: الجزاء، ويوم الدين: يوم يدين الله العباد بأعمالهم.
تقول العرب: دنته بما فعل.
أي: جازيته، ومنه قوله تعالى:{أَئِنَّا لَمَدِينُونَ}[الصافات: ٥٣] أي: مجزيون، وتقول العرب: كما تدين تدان، أي: كما تجازي تجازى، ومعنى قوله:{مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}[الفاتحة: ٤] : أنه ينفرد فِي ذلك اليوم بالحكم، بخلاف الدنيا فإنه يحكم فِيها الولاة والقضاة، ولا يملك أحد الحكم فِي ذلك اليوم إلا الله.
وتقدير الآية: مالك يوم الدين الأحكام، وحذف المفعول من الكلام للدلالة عليه، ومن قرأ ملك يوم الدين فمعناه: أنه يتفرد بالملك فِي ذلك اليوم، لزوال ملك الملوك، وانقطاع أمرهم ونهيهم، وهذا كقوله:{الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ}[الفرقان: ٢٦] .