للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ} [آل عمران: ١٦٤] أي: وما كانوا من قبل محمد إلا في ضلالة، كقوله: وإن كنتم من قبله لمن الظالمين.

{أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ {١٦٥} وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ {١٦٦} وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالا لاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ {١٦٧} الَّذِينَ قَالُوا لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ {١٦٨} } [آل عمران: ١٦٥-١٦٨] قوله: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ} [آل عمران: ١٦٥] يعني: أوحين أصابتكم، ألف الاستفهام دخلت على واو العطف، وأراد بالمصيبة: ما أصابهم يوم أحد.

وقوله: {قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا} [آل عمران: ١٦٥] يعني يوم بدر، وذلك أن المشركين قتلوا من المسلمين يوم أحد سبعين، وقتل المسلمون منهم يوم بدر سبعين وأسروا سبعين، {قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا} [آل عمران: ١٦٥] قلتم: من أين أصابنا هذا القتل والهزيمة وقد تقدم الوعد بالنصر ونحن مسلمون ورسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فينا؟ {قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ} [آل عمران: ١٦٥] أي: إنكم تركتم المركز، وطلبتم الغنيمة، وعصيتم الرسول، فمن قِبَلكم جاء الشر.

وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه في قوله: {قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ} [آل عمران: ١٦٥] أي: يأخذكم الفداء، وذلك أن جبريل عليه السلام جاء إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم بدر فقال: يا محمد، إن الله قد كره ما صنع قومك في أخذهم الفداء من الأسارى، وقد أمرك أن تخيرهم بين أن يقدموا الأسارى فيضربوا أعناقهم وبين أن يأخذوا الفداء، على أن يقتل منهم عدتهم، فذكر ذلك رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لقومه، فقالوا: يا رسول الله، عشائرنا وأخواننا، لا، بل نأخذ فداءهم فنقوى به على قتال العدو، ويستشهد منا بعددهم.

فقتل منهم يوم أحد سبعون رجلا عدد أسارى أهل بدر، فهو معنى قوله: {قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ} [آل عمران: ١٦٥] أي: يأخذكم واختياركم القتل.

<<  <  ج: ص:  >  >>