فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ} [النساء: ٣] أي: من غيرهن، وقال أكثر المفسرين: يقول: فإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى وهمكم ذلك، فكذلك خافوا في النساء أن لا تعدلوا فيهن، فلا تتزوجوا أكثر ما يمكنكم إمساكهن والقيام بحقهن لأن النساء كاليتامى في الضعف والعجز.
وهذا قول ابن عباس، في رواية الوالبي، وسعيد بن جبير وقتادة والربيع والضحاك والسدي.
وقوله:{مَا طَابَ لَكُمْ}[النساء: ٣] أي: حل لكم من النساء، يعني: من اللاتي يحل نكاحهن، دون المحرمات اللاتي ذكرن في قوله:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ}[النساء: ٢٣] الآية.
وما ههنا: بمعنى مَن كقوله: {وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا}[الشمس: ٥] ، وقال مجاهد: معناه: فانكحوا النكاح الذي طاب لكم من النساء، فما على هذا عبارة عن النكاح.
وقوله:{مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ}[النساء: ٣] معناه: اثنتين اثنتين، وثلاثا ثلاثا، وأربعًا أربعًا، على اختلاف الأحوال لأن الأربع إنما يحل نكاحهن إذا لم يتقدمها ثلاث، وكذلك الثلاث إذا لم يتقدمها اثنتان.
ولا تدل الآية على إباحة التسع، وإن كان مجموع هذه الأعداد تسعًا لأن الله تعالى خاطب العرب بأفصح اللغات، وليس من شأن البليغ أن يعبر في العدد عن التسعة باثنين وثلاثة وأربعة فمن قال: أعط زيدًا اثنين وثلاثة وأربعة وهو يريد تسعة كان ذلك أعيا كلام.
قوله:{فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا}[النساء: ٣] أي: في الأربع بالحب والجماع، فواحدة أي: فلينكح كل واحد منكم واحدة من الحرائر، {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ}[النساء: ٣] من الجواري لأنه لا يلزم فيهن من الحقوق كالذي يلزم في الحرائر من التسوية بينهن في القسمة.